لماذا ينقبض اللسان عن الذكر ؟ وما هو الذكر القلبى؟

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال : لماذا ينقبض اللسان عن الذكر ؟

الجواب : الانقباض لا يكون للسان فى حقيقة الامر .. ولكن هو حالة انكسار في النفس لها تأثير بالضيق فى الصدر .. ومن ثم تؤثر فى اللسان .. 

والحكمة فى ذلك ..

1- ان السالك الى الله لابد له من من ان يتعرف على الله .. فكما كنت تتعرف عليه فى حال البسط .. وتذكره وانت منشرح الصدر .. فعلمت انه الباسط .. فأراد ان يلقت انتباهك انه ايضا القابض وعليك ان تتذوق هذا المعنى ايضا كما تذوقت معنى البسط

2- قد يكون للاختبار كما ذكرنا فى مقال سابق.. قال تعالى  {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }العنكبوت2

3- قد يكون لذنب ارتكبته واراد الله ان يعاقبك على فعلك .. قال صلى الله عليه وسلم " ان الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه " .. والذكر من جملة الرزق للانسان ..


4- القبض يولد فى النفس انكسارا .. يدفعك به الله للتوجه اليه .. لان فى حال البسط ينسى الانسان فى غفلة من الحياة كثير من الامور الدينية التى يجب عليه الالتزام بها .. فيرسل الرحمن الرحيم اليه رسالة متمثلة فى حالة القبض .. حتى تعود الى رحابه مرة أخرى .. 

النقطة التالية هامة جدا ..

5- يريدك ان تعلم ان هذا هو وقت الذكر بالقلب .. وليس باللسان .. فكما تعرفت عليه باللسان فعليك ان تتعرف عليه بالوجدان اى بالقلب ..حتى لا تكون عبدا للظاهر وهى جوارحك ومنها اللسان .. 

ارادك ان لا تكون كمن يعبد الطاعة ولا يعبد الله .. فانت تجد كثير من المسلمين يذهب للوضوء وللصلاة .. ولكن افعاله تخالف عبادته .. فالصلاة لم تنهاه عن الفحشاء والمنكر .. فهذا الانسان كان يعبد الطاعة وليس يعبد الله ..

ارادك المولى ان تعبده بقلبك .. لان القلب هو محل نظر الله وعليه صلاح احوال العباد ..

قال صلى الله عليه وسلم " ان الله لا ينظر الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم "

وقال صلى الله عليه وسلم " ان فى الجسد مضغة لو صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله .. ألا وهى القلب "

إذن فالقبض رسالة من الله اليك .. ليصرف ظاهرك الى باطنك وهو قلبك .. ارادك ان تستعمل قلبك فى الذكر ..

ويكون ذلك فى بداية الذكر .. ان تجرى الذكر فى داخلك .. كما تسمع الفكرة فى داخلك .. بان تقول مثلا " لا اله الا الله " او " سبحان الله " .. فتظل تردد ذلك بداخلك مرات كثيرة حتى يتطهر داخلك بالانشغال بالله .. ولا يكون فى داخلك غيره .. 

فاذا تطهر القلب واصبح ليس فى صدر العبد غير الله .. نال العبد السكينة والاطمئنان والرضا والمحبة وتفجرت فى قلبه انوار ما كان يعلمها من قبل  .. وفهم سليم وصحيح للدين .. وصدق فى المعاملة مع الرب والعبد .. ورزقه الله الاخلاص فى القول والفعل والعمل ..

فالقبض ههنا نعمة من اجل النعم .. ولكن افهم الرسالة بالطريقة الصحيحة من مولاك .. حتى يصلك الخير كله .

تنبيه :

 فى بداية الامر ( ونقصد ببداية الامر هو حال السعى الى الله بالذكر والاعمال الصالحة وقد ياخذ الامر منك سنوات )

عند الذكر القلبى فى بداية الامر  .. تجد افكار اخرى تدخل عليك مثل مشاغل الحياة .. فلا تلتفت وجاهد نفسك واجعل لك وردا ثابت فى بداية الامر مثلا تقول " لا اله الا الله " 50 مرة صباحا ومساءا .. وترددها بداخلك .. ولا تبالى بما يأتيك من افكار او مشاغل تدور فى راسك .. فانها من الشيطان .. ومع مرور الوقت ستجد نفسك تتمكن من الذكر فى نفسك  .. 

مثال ماسبق : عند تقوم بتشغيل جهاز الراديو .. فقد تقوم بتشغيل محطة فى الراديو ولكن تجد فيها شوشرة او تكون غير واضحة الاشارة .. فتحاول ان تقوم بتظبيط الموجه قدر المستطاع حتى تختفى هذه الشوشرة ..

فكذلك الانسان .. فى بداية الذكر القلبى تكون هناك شوشرة داخلية فى صدره وعقله .. وعليه ان يجاهد نفسه ليخفى هذه الشوشرة ليكون هناك نقاء كامل فى استقبال الموجه الربانية .. 

ويساعد على هذا قوة وقدرة الجهاز الذى يلتقط الاشارة .. كذلك القلب كلما صلحت اعماله الى الله بالاخلاص .. كلما قويت الاشارات النورانية الموجة اليه ..

ملحوظة :  لا تنشغل بذنوبك وان عظمت وكثرت .. ولكن انشغل بالله .. فلا يخلو عبد من معصية .. ولولا المعصية ما كانت الطاعة وما كان هناك سبب لوجودنا فى الحياة من اساسه ..
واجعل من معاصيك سببا لوصولك الى الله .. بان تظل دائما منكسرا اليه بالتوبة ومتوسلا اليه برحمته ومغفرته .

وراجع هذا المقال من هنا على هذا الرابط حتى تكتمل لك الصورة

تحت عنوان (لماذا يضيق الصدر عن الذكر بعد فترة) من خلال الرابط التالي:

http://khaledouf.blogspot.com/2012/07/blog-post_21.html

هذا والله اعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله وسلم