الروحانيات فى الإسلام: ج13: رسالة ليلة الجن - ما هي ليلة الجن الثانية التي قيل فيها أن النبي خرج لمقابلة الجن ليقرأ القرآن عليهم وكان معه الصحابي بن مسعود - ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في منطقة الحجون - في بطحاء مكة - في أعلى مكة - في أماكن مجهولة - هل خرج الصحابي بن مسعود مع النبي في المدينة للقاء الجن والإجتماع بهم - هل كذب بن مسعود في روايته لقصة الجن في ليلة الجن التي قابلوا فيها النبي.

بحث في المدونة من خلال جوجل

الأحد، 23 أبريل 2023

Textual description of firstImageUrl

ج13: رسالة ليلة الجن - ما هي ليلة الجن الثانية التي قيل فيها أن النبي خرج لمقابلة الجن ليقرأ القرآن عليهم وكان معه الصحابي بن مسعود - ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في منطقة الحجون - في بطحاء مكة - في أعلى مكة - في أماكن مجهولة - هل خرج الصحابي بن مسعود مع النبي في المدينة للقاء الجن والإجتماع بهم - هل كذب بن مسعود في روايته لقصة الجن في ليلة الجن التي قابلوا فيها النبي.

         بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

ليلة الجن

في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن


(الجزء الثالث عشر)

#- فهرس:
:: الفصل الثالث عشر :: عن ليالي الجن التي قيل فيها أن النبي خرج لمقابلة الجن وكان معه الصحابي عبد الله بن مسعود في مكة وفي المدينة ::
1- س69: ما هي ليلة الجن الثانية التي قيل فيها أن النبي خرج لمقابلة الجن ليقرأ القرآن عليهم وكان معه الصحابي بن مسعود ؟
2- س70: ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في منطقة الحجون ؟
3- س71: ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في أعلى مكة ؟
4- س72: ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في بطحاء مكة ؟
5- س73: ما هي الأماكن الأخرى في مكة التي قيل فيها أن بن مسعود خرج مع النبي للقاء الجن ؟
6- س74: هل خرج الصحابي بن مسعود مع النبي في المدينة للقاء الجن والإجتماع بهم ؟
***************************
:: الفصل الثالث عشر ::
:: عن ليالي الجن التي قيل فيها أن النبي خرج لمقابلة الجن وكان معه الصحابي عبد الله بن مسعود في مكة وفي المدينة ::
**************************
 
..:: س69: ما هي ليلة الجن الثانية التي قيل فيها أن النبي خرج لمقابلة الجن ليقرأ القرآن عليهم وكان معه الصحابي بن مسعود ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- سبق وذكرنا أخي الحبيب .. أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أعلمه الوحي بأن الجن قد استمعوا له وهو يقرأ القرآن .. إلا أنه في مرة ثانية فقد جاء وفد من الجن إلى النبي هذه المرة يطلب لقاء النبي ومقابلته ليقرأ عليهم القرآن .. وهذه كانت المرة الأولى التي كان يقابلهم فيها النبي صلى الله عليه وسلم ويجتمع بهم ويتحدثون إليه في لقاء مباشر بينهما .. وهذا اللقاء الأول في الإجتماع بهم كان بمكة في منطقة حراء .. وهذا اللقاء هو الذي تم وصفه بليلة الجن .
 
2- ولكن هناك لقاء ثاني قد أشارت إليه الروايات وهي روايات ضعيفة في مجملها .. وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى مقابلة الجن وكان معه الصحابي عبد الله بن مسعود .. وأن هذا اللقاء كان بمكة أيضا .. وقد خرج معه الصحابي بن مسعود حتى إذا وصلوا إلى منطقة جبل الحجون بالقرب من مكة على بعد مسافة قريبة منها .. فتوقف بن مسعود في مكان معين وخط النبي له خطا في الأرض .. وقيل له بما معناه لا تتحرك بعد هذا الخط وانتظرني حتى أعود ومهما حدث لا تتحرك من مكانك هذا .. وقد قيل أن النبي ذكر له حكمة عدم التحرك من مكانه وهي أنه لو تخطى هذا الخط الذي رسمه له النبي لكان الجن خطفه .. !!
 
- ثم ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى مقابلة الجن .. وتحكي الروايات أن بن مسعود قد رأي منهم كأنهم في هيئة جماعة من ذوي البشرة السوداء .. ولما انتهى النبي من مقابلة الجن والإجتماع بهم .. رجع النبي إلى بن مسعود وأخذه ورجعا إلى بيوتهم مرة أخرى .. وهذه هي مجمل قصة ليلة الجن الثانية التي أشارت إليها الروايات ..
 
3- والملاحظة أنها ليست ليلة ثانية فحسب .. وإنما ليالي متعددة لاختلاف أماكن هذه اللقاءات في هذه الروايات ... فظن بعض العلماء أنها لقاءات متعددة .. ولكن الحقيقة أن هذه الروايات أصلا لم يصح منها شيئا .. وراجع ما قاله بن مسعود بنفسه من أنه لم يكن مع النبي في ليلة خروجه للقاء الجن ..  
 
4- وهذه الروايات سنحققها بالتفصيل إن شاء الله .. علما بأن عموم العلماء وخاصة أهل زماننا من محققي الأحاديث .. على أن هذا اللقاء الثاني لم يصح منه شيء من الروايات لأن جميعها روايات ضعيفة بل وفي بعضها تعارض ونكارة شديدة في متنها .. وهذا ما نناقشه في الأسئلة القادمة إن شاء الله تعالى.


#- ملحوظة هامة جدا:
- قد استفدت في تحقيق روايات خروج بن مسعود مع النبي .. من تنبيهات تم ذكرها في بحثين من أهم ما يكون وجزى الله من كتبوها خير الجزاء .. وهما:
- الأولى: بحث خاص بعنوان (الجن المسلم دراسة توثيقية تحليلية) الدكتور/ نافذ حماد - والدكتور/ زكريا سيف الدين . ملف بي دي اف . وهذا البحث في الأصل جزء من مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإسلامية) المجلد الخامس عشر سنة 2007.
 
- الثانية: بحث خاص بعنوان (شهود بن مسعود ليلة الجن مع النبي بين النفي والإثبات) دكتور يوسف عبد الرحمن ميغا. ملف بي دي اف . وهذا البحث في الأصل من مجلة البحوث الإسلامية العدد الحادي والستون سنة 2020 ميلادي - أو 10/3/1442 هجري.
- وقد اختلفت مع الدكتور عبد الرحمن في رواية ذكرها في بحثه عن أبي عثمان النهدي وقد ذكرها في المطلب السابع ص23.. فهو صححها .. وقد ذكرت هنا فيها ما لا يثبت صحتها في السؤال رقم (72) في الرواية الرابعة .. والله أعلم . 
 
- وفي العموم هذين البحثين لا نظير لهما فيما قرأت .. خاصة بحث الدكتور يوسف عبد الرحمن ميغا ..


- وليس عن هذين البحثين فقط أخذت العلم في تحقيق روايات هذا الفصل .. وإنما من عموم أهل الحديث وكتب التراجم والتاريخ والسيرة ومحققي الروايات على مختلف عصورهم بقدر ما تيسر لي من مصادر علمية .. وجزى الله خيرا كل من انتفعت بعلمه من أهل الحديث في هذا الفصل وهذه الرسالة بل وكل رسائلي .. فجزاهم جميعا خيرا الجزاء ورضي الله عنهم وأرضاهم ..

 


**************************
 
 ..:: س70: ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في منطقة الحجون ؟ ::..
 
#- ليلة الجن الثانية:
- هي التي يقال فيها .. أن النبي قد خرج فيها لملاقاة الجن والإجتماع بهم ولكن هذه المرة كان معه الصحابي عبد الله بن مسعود .
 
- وهذه المرة يقال فيها .. أن المقابلة كانت في منطقة الحجون بالقرب من مكة .
 
#- وإليك الروايات التي تكلمت عن ذلك:
1- الرواية الأولى (حديث ضعيف): عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ (وهو أوس بن عبد الله الربعي) عن عبد الله بن مسعود قال: (انْطَلَقْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ حَتَّى إِذَا أَتَى الْحَجُونَ (أي عند جبل بمكة)، فَخَطَّ عَلَيَّ خَطًّا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ فَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: سَيِّدٌ لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: وَرْدَانُ: إِنِّي أَنَا أُرَحِّلُهُمْ عَنْكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ) رواه البيهقي في دلائل النبوة .. واشار لضعفه الشيخ الألباني في الصحيحة عند كلامه على الرواية رقم 3209.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- والسند فيه انقطاع لأن أبي الجوزاء لم يسمع من بن مسعود ولكنه سمع عن (عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وعائشة وأبو هريرة "راجع تهذيب الكمال برقم580" ..
ب- بالإضافة إلى أن الرواية منكرة المتن جدا لأنها معارضة للحديث الصحيح عند مسلم وهي أن بن مسعود نفي خروجه مع النبي في ليلة الجن ..
ج- وبن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى يعلم أن سيد من الجن اسمه "وردان" وأنه قال للنبي: أنا أرحلهم عنك ..!!
 
2- الرواية الثانية (حديث ضعيف): عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بِتُّ اللَّيْلَةَ أَقْرَأُ عَلَى الْجِنِّ، رُفَقَاءَ بِالْحَجُونِ) رواه بن حبان وأحمد وغيرهم .. وقال محققو مسند أحمد: إسناده ضعيف لانقطاعه، عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود لم يسمع من عم أبيه عبد الله بن مسعود.. وقال الألباني الحديث ضعيف لانقطاع في سنده ولكنه صحيح لغيره باعتبار رواية مسلم الصحيحة ..
 
- وقوله (رفقاء بالحجون): أي جماعة بجبل في مكة .. ولعل المقصد هو انه كان جن يسكن هذا المكان .. والله اعلم .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- كلام الشيخ الألباني بأن الحديث صحيح لغيره .. هو كلام فيه نظر .. إذ أنه جعله من جملة ليلة الجن الأولى التي خرج فيها النبي لوحده لمقابلة الجن .. ولعله استند في ذلك لما ذكره بن حبان عن أبي حاتم تعقيبا على الحديث السابق إذ قال في الحديث: بيان واضح بأّنه لم يشهد ليلة الجِن إذ لو كان شاهدا ليلتئذ لم يكن بحكايته عن المصطفى صلى الله عليه وسلم قرائته على الجن معنى ولأخبر أنه شهده يقرأ عليهم .. (صحيح بن حبان ج14 ص224) ..!!
 
- ولذلك الشيخ الألباني ربط هذا الحديث بحديث مسلم والترمذي وغيرهم وهو الذي جاء فيه أن الصحابة خافوا على النبي من أن يكون استطير أو اغتيل وخرجوا يبحثون عنه .
 
ب- ولكن الحقيقة أنه يوجد اختلاف بين رواية مسلم والترمذي وغيرهم .. وبين هذه الرواية التي معنا هنا التي فيها لفظ (رفقاء بالحجون) .. لأن في رواية مسلم قيل أنه أتى من منطقة حراء .. ولكن في هذه الرواية قيل أنه كان في منطقة الحجون ..
- ولذلك فإن هذه الرواية لا شاهد لها في الأحاديث الصحيحة حتى يقال أنها صحيح لغيره .. بل هي حديث ضعيف – والله أعلم .
 
ج- الملاحظ في هذه الرواية أنها تتعارض مع الرواية السابقة التي رواها أبي الجوزاء .. وكلاهما في الحجون .. فواحدة تقول بأن بن مسعود كان مع النبي .. والأخرى تقول من ظاهرها أنه لم يكن موجود .. وكلتا الروايتين ضعيف .. ولكن أردت أن أرشدك لمدى تضارب الروايات ..
- ولا تفرح بحديث تجد بجواره كلمة (صحيح لغيره) أو (حسن لغيره) دون أن تفهم مراد المصحح لماذا قال بذلك ؟!! لأن كلمة (لغيره) تعني أن هذا الحديث نفسه هو حديث ضعيف ولكن له شاهد في الصحيح أو الحسن ..
 
3- الرواية الثالثة: (حديث ضعيف جدا أو "موضوع") .. عن أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ عَلَى الْجِنِّ، فَمَنْ يَذْهَبُ مَعِي؟ " فَسَكَتُوا .. ثُمَّ الثَّانِيَةَ: فَسَكَتُوا .. ثُمَّ الثَّالِثَةَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا أَذْهَبُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتَ تَذْهَبُ مَعِي ". فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا جَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُونَ عِنْدَ شِعْبِ أَبِي دُبٍّ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا وَقَالَ: " لَا تُجَاوِزْهُ ". ثُمَّ مَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَجُونِ فَانْحَدَرُوا عَلَيْهِ أَمْثَالَ الْحَجَلِ يَحْدُرُونَ الْحِجَارَةَ بِأَقْدَامِهِمْ، يَمْشُونَ يَقْرَعُونَ فِي دَفُوفِهِمْ كَمَا تَقْرَعُ النُّسُورُ فِي دَفُوفِهَا، يَزُولُونَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى غَشَوْهُ وَلَا أَرَاهُ، فَقُمْتُ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَدِهِ أَنِ اجْلِسْ فَتَلَا الْقُرْآنَ فَلَمْ يَزَلْ صَوْتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَفِعُ وَلَصَقُوا بِالْأَرْضِ حَتَّى مَا أَرَاهُمْ ثُمَّ انْفَتَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَقَالَ: " أَرَدْتَ أَنْ تَأْتِيَنِي؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا كَانَ ذَلِكَ لَكَ .. هَؤُلَاءِ الْجِنُّ أَتَوْا يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ ثُمَّ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَزَوَّدْتُهُمُ الْعَظْمَ وَالْبَعْرَ فَلَا يَسْتَطِيبَنَّ أَحَدٌ بِعَظْمٍ وَلَا بَعْرٍ) ..
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِهِ هَذَا.. وَأَمَّا مُجَاهِدٌ فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (فَانْطَلَقَ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الَّذِي عِنْدَ حَائِطِ عَوْفٍ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الزُّطِّ، وَكَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَكَاكِيُّ، ... إلى آخر الرواية) رواه الفاكهي في أخبار مكة .
 
- قوله (وجوههم المكاكي): أي أن وجوههم تشبه وجوه بعض الطير يسمى المكاء ويعيش في الريف وله صافرة معروف بها..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- والحديث فيه (أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ) .. فلو كان هو (أحمد بن أبي سليمان – أبو جعفر القواريري) .. فهو كذبه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وكذبه الأزدي وجماعة من الناس (راجع تاريخ الإسلام ج6 ص265) .. وإذا لم يكن هو فهو مجهول ..
 
ب- وفي الحديث (مخبر) وهو شيخ عبد الملك بن جريج وهو أيضا مجهول ..
 
ج- وبن جريج لم يسمع من مجاهد .. ومجاهد لم يسمع من عبد الله بن مسعود ..!!
 
د- والرواية عن مجاهد بنفس السند الأول عن (احمد بن سليمان الصنعاني) .. ولكن رواية مجاهد قيلت في المدينة ورواية عبيد الله قيلت في مكة ..!! وكلا الروايتين باطل ..!! فضلا عن أنه لا يعرف أن حائط أو بستان عبد الرحمن بن عوف كان عنده مسجد ..!!
 
4- الرواية الرابعة: (حديث ضعيف) .. عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (ذَهَبْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ أَوْدِيَةِ مَكَّةَ دَخَلَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَزَادَ فِيهِ قَالَ: " هَلْ تَدْرُونَ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ " قُلْتُ: لَا هَا اللهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَؤُلَاءِ جِنُّ نُصَيْبِينَ - أَوِ الْمَوْصِلِ يَشُكُّ سَعْدٌ - جَاءُوا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا، لَنَا الْحَيَوَانُ وَلَهُمُ الرِّمَّةُ (أي العظم البالي)) رواه الفاكهي في أخبار مكة.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وهذا الحديث ضعيف لوجود انقطاع في إسناده بين محمد القرظي وعبد الله بن مسعود .. حيث أن محمد القرظي لم يسمع من بن مسعود ..
 
- ويقصد بقوله (نحو حديث بن جريج) أي هو الحديث الذي ذكرناه قبل هذه الرواية الذي بدايته (عن أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ) .
 
5- الرواية الخامسة: (حديث ضعيف جدا) .. عن قتادة: (قوله (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) قال: "ذكر لنا أنهم صرفُوا إليه من نِينَوَى، قال: فإن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: إني أمرت أن أقرأ القرآن على الجنّ، فأيكم يتبعني"؟ فأطرقوا، ثم استتبعهم فأطرقوا، ثم استتبعهم الثالثة فأطرقوا، فقال رجل: يا رسول الله إنك لذو بدئه (وفي نسخة بلفظ: ذو ندبة = والمقصد هو أنه ذو همة في الطلب) .. فاتبعه عبد الله بن مسعود، فدخل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم شعبا يقال له شعب الحجون. قال: وخطّ نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على عبد الله خطا ليثبته به، قال: فجعلت تهوي بي وأرى أمثال النسور تمشي في دفوفها، وسمعت لغطا شديدا، حتى خفت على نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ثم تلا القرآن; فلما رجع نبيّ الله قلت: يا نبيّ الله ما اللغط الذي سمعت؟ قال: اجتمعوا إليّ في قتيل كان بينهم، فقُضي بينهم بالحقّ.
وذُكر لنا أن ابن مسعود لما قَدِم الكوفة رأى شيوخا شُمطا من الزُّط، فراعوه (أي فزع منهم)، قال: من هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء نفر من الأعاجم، قال: ما أريت للذين قرأ عليهم النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم الإسلام من الجنّ شبها أدنى من هؤلاء) رواه بن جرير الطبري في تفسيره ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- الرواية ضعيفة جدا .. ففيه انقطاع في السند بن قتادة وبين بن مسعود حيث لم يقابل قتادة بن مسعود ..
 
ب- والمتن منكر وتشعر منه التلفيق والتركيب .. وهذا يظهر في قوله (وذُكر لنا) .. وهو مجموع من عدة روايات .. خاصة وأن قصة الإحتكام إلى قتيل في الجن .. هذه قد تم ذكرها في قصة أخرى للجن قد حدثت في المدينة .. ولكن هذه القصة مروية في مكة ..!!
 
6- الرواية السادسة: (قصة تم تركيبها من عدة روايات – محكية بالمعنى) .. قيل عن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ يَوْمًا: (إِنِّي أمرت أَن أَقرَأ عَلَى الْجِنّ اللَّيْلَة فَمن يَتبعني) قَالَهَا ثَلَاثًا فَأَطْرقُوا إِلَّا عبد الله بن مَسْعُود قَالَ لم يحضر لَيْلَة الْجِنّ أحد غَيْرِي قَالَ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة فِي شعب الْحجُون فَخط لي خطا وَقَالَ (لَا تخرج حَتَّى أَعُود إِلَيْك) ثمَّ افْتتح الْقُرْآن وَسمعت لَغطا شَدِيدا حَتَّى خفت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَغَشيتهُ أَسْوِدَة كَثِيرَة حَالَتْ بيني وَبَينه حَتَّى لَا أسمع صَوته ثمَّ انْقَطَعُوا كَقطع السَّحَاب فَقَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (هَل رَأَيْت شَيْئا) قلت نعم رجلَانِ أسودان مُسْتَشْعِرِينَ بِثِيَاب بيض فَقَالَ (أُولَئِكَ جن نَصِيبين وَكَانُوا اثْنَي عشر ألفا) وَالسورَة الَّتِي قَرَأَهَا عَلَيْهِم (اقْرَأ باسم رَبك) ) ذكر القصة الزمخشري في تفسيره ج4 ص312 عند تفسير سورة الأحقاف .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هذه الرواية التي ذكرها الزمخشري بدون إسناد هي رواية تم ذكرها بالمعنى العام وهي مركبة من عدة روايات .. ما عدا الجزء الأخير فيها وهو اسم السورة التي قرأها على الجن (اقرأ باسم ربك) .. فهذه لم أجدها في أي مرجع متاح عندي .. ولعل الزمخشري قد ظن ذلك .. والله أعلم ..
 
7- الرواية السابعة: (قصة تم تركيبها من عدة روايات – محكية بالمعنى) .. قيل عن النبي أنه قال: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الْجِنِّ اللَّيْلَةَ فَأَيُّكُمْ يَتَّبِعُنِي [؟ فَأَطْرَقُوا، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ فَأَطْرَقُوا، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ فَأَطْرَقُوا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَلَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِعْبًا يُقَالُ لَهُ (شِعْبُ الْحَجُونِ) وَخَطَّ لِي خَطًّا وَأَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ وَقَالَ:] لَا تَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ [. ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ، فَجَعَلْتُ أَرَى أَمْثَالَ النُّسُورِ تَهْوِي وَتَمْشِي فِي رَفْرَفِهَا، وسمعت لغطا وغمغة حَتَّى خِفْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ (أي جماعة) كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ طَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ، فَفَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْفَجْرِ فَقَالَ: أَنِمْتَ ؟ قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ مِرَارًا أَنْ أَسْتَغِيثَ بِالنَّاسِ حَتَّى سَمِعْتُكَ تَقْرَعُهُمْ بِعَصَاكَ تَقُولُ اجْلِسُوا، فَقَالَ: لَوْ خَرَجْتَ لَمْ آمَنْ عَلَيْكَ أَنْ يَخْطَفَكَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ قَالَ: هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ رِجَالًا سُودًا مُسْتَثْفِرِي (أي يلبسون) ثِيَابًا بِيضًا، فَقَالَ: أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ سَأَلُونِي الْمَتَاعَ وَالزَّادَ فَمَتَّعْتُهُمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ (أي متغير قد جف) وَرَوْثَةٍ وَبَعْرَةٍ ....) ذكر القصة القرطبي في تفسيره .. وفي آخرها قال: روى معناه معمر عن قتادة وشعبة أيضا عن بن مسعود ..!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هذه الرواية التي ذكرها القرطبي بدون إسناد هي رواية تم ذكرها بالمعنى العام وهي مركبة من عدة روايات .. وأغلبها مأخوذ من رواية قتادة التي سبق وذكرناها في السؤال السابق في روايات منطقة الحجون .. وهي رواية باطلة لأنها ملفقة من عدة روايات وكلها ضعيفة ..!!
 
#- خلاصة القول:
1- لم يصح شيء من الروايات التي قيلت في قصة خروج بن مسعود مع النبي للقاء الجن في منطقة الحجون ..
 
2- وكما قلنا أن من يستدل بهذه الروايات في إمكانية تمثيل الجن في صورة إنسانا سويا أو على إمكانية خطف الجن للإنسان .. فهذا استدلال باطل لأن الأحاديث لم يصح منها شيئا .. (راجع رسالة التمثيل الروحاني – ورسالة خطف الجن) ..
 
#- فليتقي الله من يعظمون قدرات الجن والشيطان في نفوس الناس ..!!
 
************************
 
..:: س71: ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في أعلى مكة ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- انتبه أخي الحبيب ..
- أعتقد أن الروايات التي قيلت في ان النبي قابل الجن مع بن مسعود في منطقة (أعلى مكة) هي نفس الروايات التي يقصد منها منطقة الحجون .. ليه ؟
1- لأن أعلى مكة هو منطقة الحجون .. ودليل ذلك هو ما قاله بن عباس في حديث له كان يشرح مناسك النبي في الحج والعمرة حتى قال في الحديث (ثُمَّ نَزَلَ بأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الحَجُونِ وهو مُهِلٌّ بالحَجِّ) صحيح البخاري ..
- إذن منطقة الحجون هي منطقة بأعلى مكة .. والله أعلم ..
 
2- ولأن طريقة سرد الروايات تتفق مع الروايات التي أظهرت اسم منطقة الحجون .. إذ ان القصة تكاد تكون متطابقة.
 
- وفي العموم هنا قد ذكرت هذه الروايات التي ذكرت لفظ (أعلى مكة) في سؤال منفرد ليسهل قرائتها وتدبرها .. ولكن رأيي فيها أن المقصود بأعلى مكة هو منطقة الحجون.
 
#- وإليك الروايات التي أشارت إلى أن بن مسعود خرج مع النبي في لقاء الجن وكان ذلك في مكان يسمى بأعلى مكة .. ومن الروايات التي قالت بذلك:
1- الرواية الأولي: (حديث ضعيف) .. عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال: (بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ قَالَ: " لِيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، وَلَا يَقُومَنَّ مَعِي رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْغِشِّ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ "، قَالَ: فَقُمْتُ مَعَهُ، وَأَخَذْتُ إِدَاوَةً، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا مَاءً، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ رَأَيْتُ أَسْوِدَةً مُجْتَمِعَةً، قَالَ: فَخَطَّ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: " قُمْ (أي إلزم مكانك) هَاهُنَا حَتَّى آتِيَكَ " .. قَالَ: فَقُمْتُ (أي فبقيت في مكاني)، وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَرَأَيْتُهُمْ يَتَثَوَّرُونَ (أي يقومون) إِلَيْهِ، قَالَ: فَسَمَرَ مَعَهُمْ (أي قضى الليل معهم يكلمهم) رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا طَوِيلًا، حَتَّى جَاءَنِي مَعَ الْفَجْرِ، فَقَالَ لِي: " مَا زِلْتَ قَائِمًا (أي لازلت في مكانك) يَا ابْنَ مَسْعُودٍ ؟ "، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَمْ تَقُلْ لِي: " قُمْ (أي إلزم مكانك) حَتَّى آتِيَكَ؟ ..
-  قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: " هَلْ مَعَكَ مِنْ وَضُوءٍ؟ "، قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَفَتَحْتُ الْإِدَاوَةَ (أي جراب صغير من جلد يتم وضع الماء فيه) .. فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ (أي شراب حلو معمول من وضع التمر في الماء وليس بمعنى الخمرة) .. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَقَدْ أَخَذْتُ الْإِدَاوَةَ، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا مَاءً، فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ "، قَالَ: ثُمَّ تَوَضَّأَ مِنْهَا ..
- فَلَمَّا قَامَ يُصَلِّي أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ، قَالَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ: فَصَفَّهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " هَؤُلَاءِ جِنُّ نَصِيبِينَ جَاءُوا يَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ فِي أُمُورٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ سَأَلُونِي الزَّادَ، فَزَوَّدْتُهُمْ "، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَهَلْ عِنْدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ تُزَوِّدُهُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ: فَقَالَ: " قَدْ زَوَّدْتُهُمُ الرَّجْعَةَ، وَمَا وَجَدُوا مِنْ رَوْثٍ وَجَدُوهُ شَعِيرًا، وَمَا وَجَدُوهُ مِنْ عَظْمٍ وَجَدُوهُ كَاسِيًا "، قَالَ: وَعِنْدَ ذَلِكَ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَنْ يُسْتَطَابَ بِالرَّوْثِ، وَالْعَظْمِ) رواه أحمد وغيره وعنه ذكره الشبلي في آكام المرجان .. وقال الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيه "أَبُو زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ" وهو مجهول ..، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف لجهالة "أبي زيد مولى عمرو بن حريث المخزومي" وقال محققو المسند في موضع آخر لرواية الحديث: إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد مولى عمرو بن حريث، قال البخاري: لا يصح حديثه، وقال الترمذي: مجهول عند أهل الحديث لا يعرف له رواية غير هذا الحديث، وقال ابن عبد البر: اتفقوا على أن أبا زيد مجهول وحديثه منكر .. (انتهى نقل كلام محققو المسند) ..
 
- وفي رواية بلفظ: (أَحْبَبْنَا أَنْ يَشْهَدَ بَعْضُنَا مَعَكَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «مِمَّنْ أَنْتُمَا؟» قَالَا: مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، فَقَالَ: «أَفْلَحَ هَذَانِ، وَأَفْلَحَ قَوْمُهُمَا») رواه الطبراني في الكبير .. والحديث ضعيف أيضا وفيها نفس علة الرواية السابقة وهو "أَبُو زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ" .
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذه رواية ضعيفة السند ومنكرة جدا لنكارة المتن فيها لجزئية الوضوء بالنبيذ وهذا معارض للقرآن إما ماء أو صعيدا طاهرا .. فضلا عن معارضتها للحديث الصحيح بأن بن مسعود لم يخرج مع النبي ليلة الجن ..!!
 
- وهذه الرواية تم روايتها من خمسة طرق وأزيد .. وكلها طرق تحمل بين ما هو ضعيف أو ضعيف جدا أو موضوع .. ويمكنك مراجعة تحقيق هذه الروايات بتحقيق مفصل وموسع لرسالة على النت منشورة بعنوان (الجن المسلم دراسة توثيقية تحليلية) للدكتور نافذ حماد وزكريا سيف الدين ص104 -105) ..
 
2- الرواية الثانية: (حديث ضعيف) .. عن أَبُي عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: «مَنْ أَحَبُّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ اللَّيْلَةَ أَمْرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ» ، فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ (أي جماعة) كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ انْطَلِقُوا وَطَفِقُوا يَنْقَطِعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ .. حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُمْ رَهْطٌ، وَفَرَغَ (أي انتهى من لقائهم) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْفَجْرِ.... إلى آخر الرواية) رواه الحاكم .. وقال الذهبي: صححه جماعة ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الحديث السابق:
أ- قول الذهبي أنه صححه جماعة .. فهذا معناه أنه لا يراه صحيح إذ لو كان يراه صحيح لكان قال بصحته صراحة ..
 
ب- والرواية فيها (أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ) وهو مجهول .. ولو كان الإمام الحاكم يعرفه ما كان قال (رجل من أهل الشام) .. ولم يرو عنه أحد غير الزهري.. وإذا كان الحافظ بن حجر قال عنه مقبول فهذا باعتبار ان يكون له متابع .. ولا متابعة عليه هنا إلا متابعة ضعيفة قد رواها البيهقي في الدلائل عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن بن مسعود .. والرواية فيها انقطاع حيث أن علي بن موسى لم يسمع من عبد الله بن مسعود كذا قال الدارقطني والبيهقي .. (راجع تحقيق مفصل وموسع لرسالة على النت منشورة بعنوان (الجن المسلم دراسة توثيقية تحليلية) للدكتور نافذ حماد وزكريا سيف الدين ص107 -108) ..
 
ج- وهذا الحديث رواه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة وفيه (سلامة بن روح) وهو ضعيف الحديث إلا لو توبع .. وليس له هنا متابعة .. وفيه أيضا " أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ " وسبق الكلام عنه.
 
د- ورواه الفاكهي في أخبار مكة .. وفيه (هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ) وهو مجهول الحال .. وفيه أيضا " أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ " وسبق الكلام عنه.
 
ه- والأهم من كل ما سبق هو أن المتن كله منكر ومردود لكونه غير معقول .. لمخالفته الرواية الصحيحة عن بن مسعود وهي: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) صحيح مسلم.
 
3- الرواية الثالثة: (حديث ضعيف) .. عن مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ خَمْسَةَ عَشَرَ بَنِي إِخْوَةٍ وَبَنِي عَمٍّ يَأْتُونَنِي اللَّيْلَةَ، فَأَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ» فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ، فَخَطَّ لِي خَطًّا، وَأَجْلَسَنِي فِيهِ، وَقَالَ لِي: «لَا تَخْرُجْ مِنْ هَذَا» فَبِتُّ فِيهِ حَتَّى أَتَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ السَّحَرِ (أي قبل طلوع الفجر) فِي يَدِهِ عَظْمٌ حَائِلٌ وَرَوْثَةٌ وَحُمَمَةٌ، فَقَالَ لِي: «إِذَا ذَهَبْتَ إِلَى الْخَلَاءِ، فَلَا تَسْتَنْجِي بِشَيْءٍ مِنْ هَؤُلَاءِ» قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قُلْتُ: لَأَعْلَمَنَّ عِلْمِي حَيْثُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَذَهَبْتُ فَرَأَيْتُ مَوْضِعَ مَبْرَكِ سِتِّينَ بَعِيرًا) رواه البيهقي في دلائل النبوة والطبراني في الأوسط وقد سبق مناقشة سند الطبراني في السؤال رقم (8) من هذه الرسالة ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على سند رواية البيهقي:
- هذه الرواية أي رواية البيهقي التي ذكرها البعض كمتابعة لرواية (أبي عثمان الخزاعي) السابق ذكرها .. ولكنها لو كانت كمتابعة فهي ضعيفة .. ولا يفرح بها ..
أ- السند فيه (روح بن صلاح) وهو مختلف عليه بين الضعف والتوثيق .. فقد ضعفه بن عدي والدارقطني وابن ماكولا .. في حين ذكره بن حبان في الثقات وقال عنه الحاكم ثقة مأمون .. (راجع لسان الميزان ترجمة رقم 3165).
 
ب- والسند فيه انقطاع لأن علي بن رباح لم يسمع من بن مسعود .. ولكنه سمع عن غيره من الصحابة مثل (عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وزيد بن ثابت وغيرهم "راجع تهذيب الكمال برقم4067".. (ويمكنك مراجعة تحقيق هذه الجزئية بتحقيق مفصل وموسع لرسالة على النت منشورة بعنوان (الجن المسلم دراسة توثيقية تحليلية) للدكتور نافذ حماد وزكريا سيف الدين ص108) ..
 
3- الرواية الرابعة: (حديث موضوع "مكذوب") .. عن يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ حَرْبِ بْنِ صُبَيْحٍ، ثنا سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (اسْتَتْبَعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى بَلَغْنَا أَعْلَى مَكَّةَ، فَخَطَّ عَلَيَّ خُطَّةً وَقَالَ: «لَا تَبْرَحْ» ، ثُمَّ انْصَاعَ فِي أَجْبَالٍ، فَرَأَيْتُ الرِّجَالَ يَتَحَدَّرُونَ عَلَيْهِ مِنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ حَتَّى حالُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَاخْتَرَطْتُ السَّيْفَ وَقُلْتُ: لَأَضْرِبَنَّ حَتَّى أَسْتَنْقِذَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَهُ: «لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَمَّنَا الْفَجْرُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَائِمٌ فَقَالَ: «مَا زِلْتَ عَلَى حَالِكَ؟» قُلْتُ: لَوْ لَبِثْتَ شَهْرًا مَا بَرِحْتُ حَتَّى تَأْتِيَنِي، ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ بِمَا أَرَدْتُ أَنْ أَصْنَعَ، فَقَالَ: «لَوْ خَرَجْتَ مَا الْتَقَيْتُ أَنَا وَلَا أَنْتَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ، ثُمَّ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي أَصَابِعِي فَقَالَ: «إِنِّي وُعِدْتُ أَنْ يُؤْمِنَ بِيَ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ، فَأَمَّا الْإِنْسُ فَقَدْ آمَنَتْ بِي، وَأَمَّا الْجِنُّ فَقَدْ رَأَيْتَ» ، قَالَ: «وَمَا أَظُنُّ أَجَلِي إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَخْلِفُ أَبَا بَكْرٍ؟ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَخْلِفُ عُمَرَ؟ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَخْلِفُ عَلِيًّا؟ قَالَ: «ذَاكَ وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَوْ بَايَعْتُمُوهُ وَأَطَعْتُمُوهُ أَدْخَلَكُمُ الْجَنَّةَ أَكْتَعِينَ) رواه الطبراني في الكبير ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- في السند (يحيى بن يعلى الأسلمي) وهو ضعيف الحديث.
ب- وفيه (حرب بن صبيح) وهو مجهول العين ..
ج- وفيه (أبو مرة الصنعاني) مجهول العين ..
د- وفيه (سعيد بن مسلم) وهو ثقة لو كان هو (بن بانك) .. وأظن أنه قد تم تلفيقه في السند ..
هـ- والسند ظاهر الوضع والتلفيق فيه بصورة قوية .. فضلا عن نكارة المتن وأنه من وضع الشيعة لإظهار أحقية سيدنا علي بن أبي طالب بالخلافة ..
 
#- خلاصة القول:
- لم يصح شيء من الروايات التي قيلت في قصة خروج بن مسعود مع النبي للقاء الجن في أعلى مكة ..
 
*****************************
 
..:: س72: ما هي الروايات التي تكلمت عن ليلة الجن الثانية التي خرج الصحابي بن مسعود فيها مع النبي في بطحاء مكة ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- انتبه أخي الحبيب ..
- أيضا الروايات التي أشارت إلى أن بن مسعود خرج مع النبي يوم لقاء الجن في منطقة تم الإشارة إليها على أنها ببطحاء مكة .. هي أيضا نفس قصة منطقة الحجون .. ليه ؟
- لأن منطقة الحجون في بطحاء مكة.. وبطحاء مكة الطريق الموصل بين مكة ومنطقة الحجون .. ولكن كل راوي كان يذكرها بما كان يفهم وصف هذه المنطقة في معرفته .. ولعله الراوي قد نسى اسم الحجون فقال بطحاء مكة لأن الحدث عموما حدث هناك .. والله أعلم ..
 
- ومعنى البطحاء: هي المكان المنبسط والمتسع الذي طريقه يكون مخلوط بين التراب والحصى .. والله أعلم .
 
- وعموما سأذكر لك الروايات التي قيلت تحت مسمى بطحاء مكة .. لتكون على علم وإحاطة بها في سؤال منفرد .. ليسهل تدبرها ومراجعتها ..
 
#- والروايات التي أشارت لخروج بن مسعود مع النبي للقاء الجن ببطحاء مكة .. نجد منها الآتي:
1- الرواية الأولى: (حديث ضعيف) .. عَنْ مُوسَى بن عبيده عَنْ عَبِيدَةُ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إِلَى نَوَاحِي مَكَّةَ فَخَطَّ لِي خَطًّا وَقَالَ: «لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى آتِيَكَ» ، ثُمَّ قَالَ: «لَا يَرُوعَنَّكَ (أي لا يخيفك)، وَلَا يَهُولَنَّكَ (أي لا يفزعك) شَيْءٌ تَرَاهُ» ، قَالَ: فَتَقَدَّمَ شَيْئًا ثُمَّ جَلَسَ .. فَإِذَا رِجَالٌ سُودٌ كَأَنَّهُمْ رِجَالٌ الزُّطِّ (أي يشبهون أصحاب البشرة السوداء)، قَالَ: وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [سورة: الجن، آية رقم: 19] ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ فَأَذُبَّ عَنْهُ (أي فأدافع عنه) بَالِغًا مَا بَلَغْتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ عَهْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَكَثْتُ، ثُمَّ إِنَّهُمْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ شُقَّتَنَا بَعِيدَةٌ وَنَحْنُ مُنْطَلِقُونَ فَزَوِّدْنَا، فَقَالَ: «لَكُمُ الرَّجِيعُ، وَمَا أَتَيْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عَظْمٍ فَلَكُمْ عَلَيْهِ لَحْمًا، وَمَا أَتَيْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الرَّوْثِ فَهُوَ لَكُمْ تَمْرًا» ، فَلَمَّا وَلَّوْا قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: «هَؤُلَاءِ جِنُّ نُصَيْبِينَ) رواه الطبراني في الكبير ..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): والحديث فيه (موسى بن عبيده) وهو ضعيف الحديث .
 
- ملحوظة هامة: والروايات التي قيلت في أعلى مكة .. هي الروايات التي قد جاء فيها وصف للجن الذي حضر للمكان وأنهم من رجال الزُّط .. أي من أصحاب البشرة السوداء القاتمة .. وفي روايات قيل فيها أن هذا كان مثل الخيال الأسود المتشكل في صورة كيان تخيلي أسود ..
 
2- الرواية الثانية: (حديث ضعيف) .. عَنْ عَمْرٍو الْبِكَالِيِّ، قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بن مسعود قَالَ: (اسْتَتبْعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى أَتَيْتُ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا .. فَخَطَّ لِي خِطَّةً، فَقَالَ لِي: «كُنْ بَيْنَ ظَهْرَيْ هَذِهِ لَا تَخْرُجْ مِنْهَا، فَإِنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هَلَكْتَ .. قَالَ: فَكُنْتُ فِيهَا، قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَذَفَةً، أَوْ أَبْعَدَ شَيْئًا، أَوْ كَمَا قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هَنِينًا كَأَنَّهُمْ الزُّطُّ (أي يشبهون أهل السودان أو الهنود في بشرتهم السوداء) - قَالَ عَفَّانُ: أَوْ كَمَا قَالَ عَفَّانُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَيْسَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، وَلَا أَرَى سَوْآتِهِمْ، طِوَالًا، قَلِيلٌ لَحْمُهُمْ .. قَالَ: فَأَتَوْا، فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَجَعَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ. قَالَ: وَجَعَلُوا يَأْتُونِي فَيُخَيِّلُونَ، أَوْ يَمِيلُونَ حَوْلِي، وَيَعْتَرِضُونَ لِي. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ رُعْبًا شَدِيدًا. قَالَ: فَجَلَسْتُ، أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ جَعَلُوا يَذْهَبُونَ، أَوْ كَمَا قَالَ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ ثَقِيلًا وَجِعًا، أَوْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ وَجِعًا، مِمَّا رَكِبُوهُ. قَالَ: «إِنِّي لَأَجِدُنِي ثَقِيلًا»، أَوْ كَمَا قَالَ. فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي....) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف .. وفي الحديث انقطاع بين عمرو البكالي وبن مسعود ..
 
- ملحوظة: سيأتي هذه الرواية كاملة بعد قليل في رواية الترمذي .. وقد تركتها في رواية منفردة بالرغم من كونها نفس الرواية .. ولكن لتحقيق سند الرواية في الترمذي بعد قليل ..
 
#- ملحوظة: كان يمكن أن يصلح هذا الحديث في الإشارة إلى ما نصفه بالتحميل الروحاني .. من خلال قوله (جَاءَ ثَقِيلًا وَجِعًا، أَوْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ وَجِعًا، مِمَّا رَكِبُوهُ) .. ولكنه حديث تالف ولم يصح ..!!
 
3- الرواية الثالثة .. (حديث ضعيف) .. عن أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثنا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: وَأَمَّا مُجَاهِدٌ فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (فَانْطَلَقَ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ الَّذِي عِنْدَ حَائِطِ عَوْفٍ خَطَّ عَلَيَّ خَطًّا فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الزُّطِّ، وَكَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَكَاكِيُّ، قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالُوا مَا أَنْتَ قَالَ: " أَنَا نَبِيٌّ ". فَقَالُوا: فَمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذِهِ الشَّجَرَةُ تَعَالَيْ يَا شَجَرَةُ ". فَجَاءَتْ تَجُرُّ عُرُوقُهَا الْحِجَارَةَ .. لَهَا فَقَاقِعٌ حَتَّى انْتَصَبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " عَلَى مَاذَا تَشْهَدِينَ؟ " قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذْهَبِي ". فَرَجِعَتْ كَمَا جَاءَتْ تَجُرُّ عُرُوقَهَا وَلَهَا فَقَاقِعٌ حَتَّى عَادَتْ حَيْثُ كَانَتْ، فَسَأَلُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا الزَّادُ؟ فَزَوِّدْهُمُ الْعَظْمَ وَالْحَثَّةَ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَسْتَطِيبَنَّ أَحَدٌ بِعَظْمٍ وَلَا حَثَّةٍ " قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ فَعَرَفَهُ فَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مُسْتَفِيضٌ بِالْمَدِينَةِ. أَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلَةَ فَجِنُّ نِينَوَى، وَأَمَّا الْجِنُّ الَّذِي لَقُوهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَجِنُّ نُصَيْبِينَ) رواه الفاكهي في أخبار مكة .
 
- قوله (وجوههم المكاكي): أي أن وجوههم تشبه وجوه بعض الطير يسمى المكاء ويعيش في الريف وله صافرة معروف بها..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ملحوظة: هذا الحديث جزء مكمل لرواية حديث أخرى قد ذكرتها في السؤال السابق .. ولكنها بنفس السند وإنما عن مجاهد ..
 
أ- والحديث فيه (أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الصَّنْعَانِيُّ) .. فلو كان هو (أحمد بن أبي سليمان – أبو جعفر القواريري) .. فهو كذبه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وكذبه الأزدي وجماعة من الناس (راجع تاريخ الإسلام ج6 ص265) .. وإذا لم يكن هو فهو مجهول ..
 
ب- وبن جريج لم يسمع من مجاهد .. ومجاهد لم يسمع من عبد الله بن مسعود ..!!
 
ج- والرواية عن مجاهد فيها نكارة لأنها يظهر منها أنها قيلت في المدينة إذا لم يكن يوجد حائط لعبد الرحمن بن عوف في مكة مقترنا به محلا للسجود ..!! وروايات جماعة الزط قيلت كلها في مكة .
 
4- الرواية الرابعة: (حديث ضعيف) .. عن سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قال: (أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ أَبْصَرَ زُطًا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: هَؤُلَاءِ الزُّطُّ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ شِبْهَهُمْ إِلَّا الْجِنَّ .. لَيْلَةَ الْجِنِّ .. وَكَانُوا مُسْتَنْفَرِينَ (أي متوجهين)، يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا) رواه البيهقي في الدلائل ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- في السند (سليمان التيمي) وإن كان ثقة إلا أنه قد دلس في الرواية ولم يظهر سماعه وحديثه عن أبي عثمان النهدي .. ومشهور عن سليمان التيمي التدليس عن مشايخه .. قال بن حجر: سليمان بن طرخان التيمي تابعي مشهور من صغار تابعي أهل البصرة وكان فاضلا وصفه النسائي وغيره بالتدليس. (راجع تعريف اهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس ص33).. وذكره أبو زرعة وقال: مشهور بالتدليس (المدلسين ص55) .. وكذلك ذكره السيوطي في (أسماء المدلسين ص54).
 
ب- بل والإمام الحاكم والإمام البيهقي راوي هذا الحديث قد أظهر وجود اضطراب في هذا الإسناد وأسقط الإحتجاج به .. إذ يقول رحمه الله: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ - رحمه الله - قراءة عليه قال: فأما حديث أبي عثمان النهدي وأبي تميمة الهجيمي وعمرو البكالي ، عن عبد الله بن مسعود، فليس في حديث واحد منهم ذكر نبيذ التمر، إنما ذكروا خروج عبد الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة، على اضطراب في الإسناد .. فإن في حديث سليمان التيمي: عن أبي تميمة، عن عبد الله، وقيل: عن أبي تميمة، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله، وعلى هذا الاضطراب لا تقوم بهم الحجة.
- قال الشيخ (أي البيهقي): قد تتبعت هذه الروايات فوجدتها على ما ذكر إمامنا أبو عبد الله، ولم أخرجها بأسانيدها طلبا للاختصار. (راجع الخلافيات للبيهقي ج1 ص96 حديث رقم52).
 
ج- هذه الرواية التي معنا لا يظهر منها أن أبو عثمان النهدي كان مصاحبا لابن مسعود وقت حكايته لهذه القصة .. وإنما يرويها وكأنه بلغه هذا الخبر ..!!
 
د- بالإضافة إلى مخالفة هذه الرواية لما هو في الصحيح من أن بن مسعود نفى أن يكون قد خرج مع النبي في وقت مقابلته للجن ..
 
5- الرواية الخامسة: (حديث ضعيف) .. عن عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ خَطَّ حَوْلَهُ، فَكَانَ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ مِثْلُ سَوَادِ النَّخْلِ، وَقَالَ لِي: "لَا تَبْرَحْ مَكَانَكَ"، فَأَقْرَأَهُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، .. فَلَمَّا رَأَى (أي بن مسعود) الزُّطَّ (أي رجال بشرتهم سوداء) ، قَالَ: "كَأَنَّهُمْ هَؤُلَاءِ" ..؟ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَعَكَ مَاءٌ؟ ". قُلْتُ: لَا، قَالَ: "أَمَعَكَ نَبِيذٌ؟ ": قُلْتُ: نَعَمْ، فَتَوَضَّأَ بِه) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف.
 
- وهذه الرواية أوردتها كمتابعة للرواية السابقة .. ولكنها ايضا ضعيفة ..
 
6- الرواية السادسة: (حديث ضعيف) .. عن معمر عن قتادة: (أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .. قد ذَهَبَ هُوَ وَابْنُ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ .. فَخَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ خَطًّا وَقَالَ: «لَا تَخْرُجْ مِنْهُ» .. ثُمَّ ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَأَتَى الْجِنَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ .. ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُ لَغَطًا شَدِيدًا .. قَالَ: " إِنَّ الْجِنَّ تَدَارَأَتْ فِي قَتِيلٍ بَيْنَهَا فَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ .. وَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. الزَّادَ .. فَقَالَ: " كُلُّ عَظْمٍ لَكُمْ عِرْقُ .. وَكُلُّ رَوْثَةٍ لَكُمْ خَضِرَةٌ .. فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ يَقْذِرُهُمَا النَّاسُ عَلَيْنَا .. فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. أَنْ يَسْتَنْجِيَ النَّاسُ بِأَحَدِهِمَا .. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْكُوفَةَ .. رَأَى الزُّطَّ .. وَهُمْ قَوْمٌ طِيَالٌ سُودٌ .. فَأَفْزَعُوهُ حِينَ رَآهُمْ .. فَقَالَ: أَظَهَرُوا؟ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ مِنَ الزُّطِّ .. فَقَالَ: مَا أَشْبَهَهُمْ بِالنَّفَرِ الَّذِينَ صُرِفُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. لَيْلَةَ الْجِنَّةِ) رواه عبد الرزاق في تفسيره .. وهذه الرواية منقطعة السند بين قتادة وبن مسعود .. فضلا عن أنها مركبة من عدة روايات .. وقد سبق الكلام على هذه الرواية في سؤال سابق رقم (70) مرويا عن الطبري في تفسيره بلفظ آخر .
 
- وهذه الرواية أوردتها .. كمتابعة لجزئية أن بن مسعود قد رأى الزط في الكوفة فتذكر الجن الذين رآهم .. ولكنها أيضا ضعيفة ..
 
7- الرواية السابعة: (حديث ضعيف - سند خطأ ومتن منكر) .. عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النهدي، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ (صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، حَتَّى خَرَجَ بِهِ إِلَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ .. فَأَجْلَسَهُ، ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: لاَ تَبْرَحَنَّ خَطَّكَ، فَإِنَّهُ سَيَنْتَهِي إِلَيْكَ رِجَالٌ، فَلاَ تُكَلِّمْهُمْ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَكَ .. قَالَ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ أَرَادَ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي خَطِّي إِذْ أَتَانِي رِجَالٌ، كَأَنَّهُمُ الزُّطُّ، أَشْعَارُهُمْ وَأَجْسَامُهُمْ، لاَ أَرَى عَوْرَةً، وَلاَ أَرَى قِشْرًا، وَيَنْتَهُونَ إِلَيَّ (أي ويصلون إلي) .. لاَ يُجَاوِزُونَ الْخَطَّ .. ثُمَّ يَصْدُرُونَ (أي يرجعون) إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ (أي ما جائوني بعد ذلك) .. لَكِنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَاءَنِي وَأَنَا جَالِسٌ فَقَالَ: لَقَدْ أَرَانِي (أي لم أنم) مُنْذُ اللَّيْلَةَ .. ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فِي خَطِّي، فَتَوَسَّدَ فَخِذِي (أي وضع رأسه على فخذي) فَرَقَدَ (أي فنام) ... وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَقَدَ نَفَخَ (أي علا صوته بالشخيرفَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَسِّدٌ فَخِذِي .. إِذَا أَنَا بِرِجَالٍ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ اللَّهُ أَعْلَمُ مَا بِهِمْ مِنَ الجَمَالِ فَانْتَهَوْا إِلَيَّ .. فَجَلَسَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا بَيْنَهُمْ: مَا رَأَيْنَا عَبْدًا قَطُّ أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا النَّبِيُّ، إِنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَقَلْبُهُ يَقْظَانُ، اضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا مَثَلُ سَيِّدٍ بَنَى قَصْرًا ثُمَّ جَعَلَ مَأْدُبَةً فَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، فَمَنْ أَجَابَهُ أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرِبَ مِنْ شَرَابِهِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْهُ عَاقَبَهُ - أَوْ قَالَ: عَذَّبَهُ - ثُمَّ ارْتَفَعُوا (أي انتهوا وابتعدوا) .. وَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: «سَمِعْتَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ؟ وَهَلْ تَدْرِي مَنْ هَؤُلَاءِ»؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هُمُ المَلَائِكَةُ، فَتَدْرِي مَا المَثَلُ الَّذِي ضَرَبُوا»؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «المَثَلُ الَّذِي ضَرَبُوا الرَّحْمَنُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَنَى الجَنَّةَ وَدَعَا إِلَيْهَا عِبَادَهُ، فَمَنْ أَجَابَهُ دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يُجِبْهُ عَاقَبَهُ أَوْ عَذَّبَهُ») رواه البزار والفاكهي في أخبار مكة والترمذي .. وقال الترمذي: حديث حسن غريب .. وضعف الحديث الإمام الصنعاني في كتاب (نزهة الألباب في قول الترمذي ج6 ص3423) ..، وحسنه الألباني في تخريج الترمذي.
 
#- من معاني الحديث:
- قوله (قِشراً) أراد بالقشر: الثوب، وذلك أنه قال: لا أرى عورة منكشفة منهم.
- ولعله يوجد تصحيف في اللفظ عند الترمذي .. فبدلا من (قشرا) هي (بشرا) كما في رواية الفاكهي .. وهي الأقرب للصواب .. والمقصد هو أنه رآئهم مثل الخيال أمامه حيث كانوا بدون ملابس ولم يظهر لهم عورة ولا بشرة مثل جلد الإنسان .. والله أعلم .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- وفي تحسين الترمذي والألباني نظر .. لأن في السند (جعفر بن ميمون) وقد ضعفه البخاري وأحمد وابن معين والنسائي والعقيلي وغيرهم .. ووثقه الحاكم وبن حبان وبن شاهين ..!!
 
ب- قال دكتور يوسف عبد الرحمن ميغا في رواية الترمذي والبزار التي أتى فيها جعفر بن ميمون عن (أبو عثمان النهدي) في السند: ذِكْر أبي عثمان هو النهدي شاذٌ، شذّ به جعفر بن ميمون وهو صدوق يخطئ، وليس بالقوي حيث رواه عن أبي تميمة عن أبي عثمان النهدي، مخالفاً بذلك لسليمان التيمي الثقة الذي رواه عن أبي تميمة عن عمرو البكالي.
- قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه، وقد رواه التيمي فخالف جعفر بن ميمون في إسناده، وقال عن عمرو البكالي عن أبي عثمان .أه .
- وإليه يشير صنيع البخاري في تاريخه حيث ذكر رواية جعفر بن ميمون وقد ترجمه بقوله: ليس بشيء ثم تعقبها برواية التيمي الثقة. - ثم وجدت الشيخ المحدث حسن بن حيدر الوائلي من المعاصرين قد سبقني إلى هذا حيث قال: وقد اختلف في إسناده على أبى تميمة، فقال عنه جعفر بن ميمون ما سبق، خالفه سليمان التيمى إذ قال عنه عن عمرو عن ابن مسعود، فأبدل عمرو البكالى عن أبى عثمان، والتيمى إمام ثقة حجة، وجعفر دون ذلك وله أخطاء فروايته مرجوحة اه.
- قلت: وقول البزار: (عن عمرو البكالي عن أبي عثمان) كذا في المطبوع ولعل الصواب عن عمرو البكالي عن ابن مسعود لأنه الوارد في الأسانيد. (راجع رسالة على الإنترنت تحت عنوان شهود بن مسعود ليلة الجن بين النفي والإثبات – جزء من مجلة البحوث الإسلامية العدد الحادي والستون - دكتور يوسف عبد الرحمن ميغا) ..
 
ب- ومن ناحية أخرى كما قلنا سابقا .. أنه لا يمكن أن يقال أن القصة متعدد اللقاء .. فمرة ذهب بن مسعود مع النبي ومرة لم يذهب كما زعم البعض .. لأن هذا مستحيل تصوره لأن الرواية التي نفى فيها بن مسعود خروجه مع النبي فهو قد حكاها للتابعين أي بعد وفاة النبي بزمن .. ولو كان هناك تعدد للقصة مع بن مسعود قد حدث لكان أوضح ذلك للتابعي علقمه الذي أخبره وقال له: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) صحيح مسلم..،. وفي رواية أخرى عن علقمة "تابعي" قال: (قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال ما كان معه منا أحد) رواه أبو داود .. وصححه الألباني.
 
- فكلام الصحابي عبد الله بن مسعود واضح وصريح .. أنه لم يكن مع النبي ليلة الجن لا وقت خروجه معه ولا وقت قرائته للقرآن عليهم .. بل وتمنى أنه لو كان معه هذه الليلة ..
 
ج- أما عن نكارة هذا الحديث فظاهرة .. في أن هذه الرواية ظهر فيها الملائكة وهذا لم يأتي في أي رواية أخرى من أي طريق آخر ..
- وهذا المنام حدث بتمامه للنبي في رواية منفردة عن النبي ولم يكن في قصة بن مسعود هذه .. إذ جاء عن جابر بن عبد الله أنه قال: (جَاءَتْ مَلاَئِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا، فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ المَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ المَأْدُبَةِ، فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: فَالدَّارُ الجَنَّةُ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ) صحيح البخاري .
 
- قوله (فِرق بين الناس) : أي أن اتباع النبي في الدين هو الفارق بين المؤمن والكافر وبين المطيع والعاصي لله.
 
#- أما عن وجه الاستغراب في تحسين الشيخ الألباني للرواية .. فهذا له أسباب منها:
1- لأن الشيخ الألباني قال بنفسه في السلسلة الضعيفة عند تخريج رواية أخرى لابن مسعود قد قال في ختام تحقيقه (ويعارض هذا الحديث تصريحُ ابن مسعود أنه لم يشهد ليلة الجن .. فانظر (رقم 77) من صحيح سنن المؤلف. (راجع السلسلة الضعيفة ج1 ص32) ..!!
 
- فنحن هنا بين أحد أمرين .. إما أن الشيخ الألباني كلامه متناقض مع بعضه .. أو أنه رحمه قد تراجع عن تحسينه لحديث الترمذي كما تراجع عن تصحيحات أخرى لأحاديث أخرى .. وهذا هو الراجح عندي .. والله أعلم .
 
2- وفي رواية (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ:(بِتُّ اللَّيْلَةَ أَقْرَأُ عَلَى الجِنِّ ـ رُفقاءَ بالحَجُونِ ـ) رواه بن حبان وقال الألباني صحيح لغيره ..
 
- ووافق الشيخ الألباني بن حبان فيما نقله عن أبي حاتم: فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (بِتُّ اللَّيْلَةَ أَقْرَأُ عَلَى الْجِنِّ) بيان واضح بأنه لم يشهد ليلة الجن إذ لو كان شاهدا ليلتئذ لم يكن بحكايته عن المصطفى صلى الله عليه وسلم قرائته على الجن معنى .. ولأخبر أنه شهده يقرأ عليهم . (راجع التعليقات الحسان ج9 ص119) .
 
3- وما سبق يؤكد أن الشيخ الألباني ينفي أن بن مسعود لم يشهد ليلة الجن .. بدليل الحديث السابق واستدلاله بقول أبي حاتم .. وهذا يؤكد أيضا تراجعه عن تحسين رواية الترمذي .. والله أعلم .
 
4- ولكن دعني أزيدك من غريب العلم بيانا في تحقيق الشيخ الألباني على جعفر بن ميمون:
أ- حيث أنه في تحقيق سنن أبي داود عند الحديث رقم 134 تحت عنوان: (من باب من ترك القراءة في صلاته بـ (فاتحة الكتاب).. عن جعفر بن ميمون البصري: ثنا أبو عثمان النهْدِيُ قال: حدثني أبو هريرة قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أخرج فنادِ في المدينة: أنه لا صلاة إلا بقرأن- ولو ب (فاتحة الكتاب) فما زاد).
 
- قلت (أي الشيخ الألباني): إسناده ضعيف؛ جعفر ضعفه جماعة، وتفرد بقوله! " بقرآن ولو ..." ؛ فهي زيادة منكرة .
 
- ثم قال الشيخ الألباني: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر هذا، فقد ضعفه جماعة من الأئمة- أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم-!! (راجع ضعيف أبي داود ج1 ص317).
 
ب- وقال في تمام المنة أن جعفر بن ميمون مختلف عليه .. بعد أن ذكر قول النسائي أنه ليس بالقوي وقول بن حجر أنه صدوق يخطيء ..!! (راجع تمام المنة ص232).
                              
ج- وفي أصل صفة الصلاة تحت عنوان (ركنية الفاتحة وفضائلها) .. ذكر أحد الأحاديث في التعليقات وكان فيه جعفر بن ميمون .. وقال: قلت "أي الألباني": جعفر هذا: تكلم فيه البخاري، وأحمد، وغيرهما، وفي " التقريب ": صدوق يخطئ ". لكن حديثه هذا يقوى بمتابعة غيره له ..!!
 
د- وسائر تحقيقاته حسب ما رأيت أنه يصحح حديثه ويحسنه كما في التعليقات الحسان وصحيح بن ماجة وصحيح أبي داود وصحيح الترمذي ..!!
 
#- فأي "جعفر بن ميمون" فيما سبق نأخذ بحكمه من كتب الألباني .. هل الضعيف الذي ضعفه العلماء وبالتالي أضعف حديثه بتضعيف العلماء له .. أم هو الضعيف الذي يتابع عليه من طريق آخر يؤيده .. أم هو الحسن الصحيح ؟!!
- هذا شيء أتركه للقاريء البصير .. لعل الله يبصره بشيء في هذه المسألة ..!!
 
#- خلاصة القول:
- لم يصح شيء من الروايات التي قيلت في قصة خروج بن مسعود مع النبي للقاء الجن في بطحاء مكة ..
 
************************
 
..:: س73: ما هي الأماكن الأخرى في مكة التي قيل فيها أن بن مسعود خرج مع النبي للقاء الجن ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- الرواية الأولى: (حديث ضعيف) .. عَنْ أَبِي عُبَيْدةَ، قَالَ: أَخبرني طَلْحَةُ بْنُ عَبد اللهِ بن عَمرو، عن ابنٍ لعَبد اللهِ بْنِ مَسعُود، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ: (أَنَّ النَّبيَّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم اجتَهَدَ لَيلة الجَنِّ، حَتَّى خَرَجَ مِنَ البُيُوتِ، وهُوَ بِمَكَّةَ، ثُم خَطَّ، فَقال: اجلِس، ولاَ تَفرَقَ، وَقَالَ: مَن هَؤُلاَءِ الَّذِينَ سَمِعتُهُم يُكَلِّمُونَكَ؟ قال: وفدُ جِنِّ جَزِيرَةَ) رواه البخاري في التاريخ الكبير.
أ- وقال البخاري: ولا يُعرف لطلحة سماعٌ من ابن عَبد اللهِ. (التاريخ الكبير بحواشي محمود خليل ترجمة رقم 2191).
 
ب- بالإضافة إلى مجهولية تحديد من هو الإبن الذي روى عن عبد الله بن مسعود .. حيث ان الإختلاف في رواية أبناءه عنه معلومة عند علماء الحديث .. فلا نعلم هل هو عبد الرحمن أم أبو عبيدة عامر .. وكلاهما نقلهم عن أبيهم مرويات محدودة ليس فيها هذه الرواية .. بل أن رواية أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود خلاف ما هو مذكور في هذه الرواية لأنه أنكر خروج أبيه مع النبي في ليلة الجن .. كما سبق وذكرنا عن سليمان بن حرب عن شُعْبَةُ بن الحجاج ، عَنْ عَمْرِو بن مُرَّةَ، قَالَ: (سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: أَكَانَ أَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا ) - زَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: (وَسَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَيْتَ صَاحِبَنَا كَانَ ذَاكَ) رواه البيهقي في الخلافيات وأشار لصحته ..، وكذلك رواه بسنده الفسوي في المعرفة والتاريخ.
 
2- الرواية الثانية: (حديث ضعيف) .. عن قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (انْطَلَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْطَلَقَ بِي مَعَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَرَّاز (أي مكان قضاء الحاجة) ِ، ثم خط لي خطّاً فَقَالَ: لَا تَبْرَحْ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ. فَمَا جَاءَ حَتَّى جَاءَ السَّحَرُ فَقَالَ: أُرْسِلَتْ إِلَيَّ الْجِنُّ. فَقُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ الَّتِي أَسْمَعُهَا؟ قَالَ: هِيَ أَصْوَاتُهُمْ حِينَ وَدَّعُونِي وَسَلَّمُوا عَلَيَّ) ذكره البوصيري في اتحاف الخيرة المهرة .. وقال: هذا إسناد ضعيف .. لضعف قابوس بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ.
 
3- الرواية الثالثة: (حديث ضعيف جدا ومتن باطل أظنه مكذوب) .. جاء في رواية عن أحمد ابن محمد بن يحيى بن حمزة .. (وباختصار السند) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: (كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة صرف إِلَيْهِ النَّفر من الْجِنّ فَأتى رجل من الْجِنّ بشعلة من نَار إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ جبرئيل يَا مُحَمَّد أَلا اعلمك كَلِمَات إِذا قلتهن طفئت شعلته وانكب لمنخره قل أعوذ بِوَجْه الله الْكَرِيم وكلماته التَّامَّة الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ مَا ذَرأ فِي الارض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمن شَرّ فتن اللَّيْل وَمن شَرّ طوارق اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن) رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل .. وقال محققو المسند عند ذكر هذه الرواية: قلنا: وهذا منكر، فقد ورد بإسنادٍ صحيح من حديث عبد الله بن مسعود برقم (4149) أنه لم يكن مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الجن أحد من الصحابة. وأحمد ابن محمد بن يحيى بن حمزة، قال الذهبي في "الميزان": له مناكير. (راجع هذا تحقيق المسند ج24 ص201).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وهذا الحديث يحمل مع غرابته أنه متن لا أشك في كذبه .. لأن ليلة صرف الجن للنبي إنما كانت لاستماع القرآن منه .. ولم يتعرض فيها أي شيطان للنبي .. فضلا عن أن بعض العلماء يقول بأن صرف الجن يشار به إلى الليلة الأولى التي استمع فيها الجن للقرآن من النبي دون أن يعلم ..!!

 
4- الرواية الرابعة: (حديث منكر جدا وباطل) .. عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عمرو بن مرة عن عبد الله بن سَلَمَةَ: (كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا طَوِيلًا عَنِ ابْنِ مسعود أنه كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أَتَتْهُ الْجِنُّ. قَالَ: فَكَأَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ...!! -  قَالَ عَمْرٌو: فَذَكَرْتُ ذلك لِأَبِي عُبَيْدَةَ: أَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لَا) رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ..
 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- السند جيد ولكن الرواية باطلة ومتن منكر والرواية ما هي إلا مجرد رأي واستنتاج قاله (عبد الله بن سلمه) .. وإليك توضيح ذلك .
أ- في السند يوجد انقطاع لأن (عبد الله بن سلمه) قال بأنه لم يسمع من بن مسعود .. وإنما هو ظن ذلك .. بدلالة قوله (فكأنه كان مع النبي) .. أي هو يظن ذلك .. ثم قال (ولم أسمعه من بن مسعود) أي لم يسمع هذه القصة منه وإنما تم حكايتها له ..
 
ب- ولما كان ظنه هذا مخالف للمعروف والمشهور من القصة .. من أن بن مسعود لم يخرج مع النبي في ليلة لقاء الجن .. فقد ذهب عمرو بن مرة لابن عبد الله بن مسعود وهو أبو عبيدة فسألة: وأجاب بالنفي الصريح .. أنه: لا .. أي لم يحدث ..
 
ج- فضلا عن أن بن مسعود بنفسه قد نفي أنه حضر مع النبي ليلة الجن في صحيح الروايات ..!!
 

#- خلاصة القول:
- لم يصح شيء من الروايات التي قيلت في قصة خروج بن مسعود مع النبي للقاء الجن في أماكن غير معلومة ..
 
#- وبهذا يكون ختام الروايات التي قيلت في خروج بن مسعود مع النبي في ليلة الجن .. والتي قيلت أنها حدثت في مكة .. هذا بخلاف الروايات التي قيلت أنها حدثت في المدينة ..!!
 
***********************
 
..:: س74: هل خرج الصحابي بن مسعود مع النبي في المدينة حينما أراد النبي الخروج للقاء الجن والإجتماع بهم ؟ ::...
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هناك روايات .. قد أشارت إلى خروج بن مسعود مع النبي في ليلة الجن ولكن هذه المرة ليست بمكة وإنما بالمدينة في منطقة بقيع الغرقد .. وهي المقبرة الرئيسية لأهل المدينة ..
 
#- فمن هذه الروايات:
1- الرواية الأولى: (حديث ضعيف ومتن مكذوب) .. عن أَبَا سَلَّامٍ وهو ذو مخبر الحبشي "صحابي"، يَقُولُ: حَدَّثَنِي مَنْ حَدَّثَهُ عَمْرُو بْنُ غَيْلَانَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: (أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقُلْتُ لَهُ: حُدِّثْتُ أَنَّكَ، كُنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ وَفْدَ الْجِنِّ؟ فَقَالَ: أَجَلْ .. فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي كَيْفَ كَانَ شَأْنُهُ؟ قَالَ: " إِنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ يُعَيِّشْهُمَا، وَتُرِكْتُ فَلَمْ يَأْخُذْنِي مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقُلْتُ: أَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: «مَا أَجِدُكَ أَحَدٌ يُعَشِّيكَ؟» قُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَانْطَلِقْ لِعَلِيٍّ أَجِدُ لَكَ شَيْئًا» فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَى حُجْرَةَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَتَرَكَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا وَدَخَلَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ خَرَجَتِ الْجَارِيَةُ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ مَسْعُودٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجِدْ لَكَ عَيْشًا، فَارْجِعْ إِلَى مَضْجَعَكَ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَمَعْتُ حَصَى الْمَسْجِدِ فَتَوَسَّدْتُهُ (أي وضعت رأسي عليه) ، وَالْتَفَفْتُ بِثَوْبِي، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَتِ الْجَارِيَةُ، فَقَالَتْ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعْتُهَا وَأَنَا أَرْجُو الْعَشَاءَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتُ مَقَامِي خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ عَسِيبٌ مِنْ نَخْلٍ، فَعَرَضَ بِهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: «انْطَلِقْ أَنْتَ مَعِي حَيْثُ أَنْطَلِقْ» قُلْتُ: مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَعَادَهَا عَلِيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ أَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا بَقِيعَ الْغَرْقَدِ، فَخَطَّ بِعَصَاهُ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: «اجْلِسْ فِيهَا وَلَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ خِلَالَ النَّخْلِ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حَيْثُ أَرَاهُ ثَارَتْ مِثْلَ الْعُجَاجَةِ السَّوْدَاءِ (أي الغبار والدخان ويقصد به الخيال) ، فَفَرِقْتُ (أي أصابني خوف وفزع على النبي) .. فَقُلْتُ أَلْحَقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي أَظُنُّ هَذِهِ هَوَازِنَ مَكَرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْتُلُوهُ، فَأَسْعَى إِلَى الْبُيُوتِ فَأَسْتَغِيثُ النَّاسَ، فَذَكَرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانِي أَنْ لَا أَبْرَحَ مَكَانِي الَّذِي أَنَا فِيهِ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَعُهُمْ بِعَصَاهُ، وَيَقُولُ: «اجْلِسُوا» فَجَلَسُوا حَتَّى كَادَ يَنْشَقُّ عَمُودُ الصُّبْحِ، ثُمَّ ثَارُوا وَذَهَبُوا، فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ، «أَنِمْتَ بَعْدِي؟» قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، لَقَدْ فَزِعْتُ الْفَزْعَةَ الْأُولَى حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ آتِيَ الْبُيُوتَ فَأَسْتَغِيثَ، حَتَّى سَمِعْتُكَ تَقْرَعُهُمْ بِعَصَاكَ، وَكُنْتُ أَظُنُّهَا هَوَازِنَ (قبيلة عربية كان لها عداء مع النبي قبل أن تسلم) مَكَرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْتُلُوهُ، قَالَ: « لَو أَنَّكَ خَرَجْتَ مِنْ هَذِهِ الْحَلَقَةِ مَا أَمِنْتُ عَلَيْكَ أَنْ يَخْطَفَكَ بَعْضُهُمْ، فَهَلْ رَأَيْتَ مِنَ شَيْءٍ مِنْهُمْ؟» قُلْتُ: رَأَيْتُ رِجَالًا سُودًا مُسْتَدْبِرِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ، فَسَأَلُونِي الْمَتَاعَ وَالزَّادَ، فَمَتَّعْتُهُمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَامِلٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ بَعْرَةٍ» قُلْتُ: وَمَا يُغْنِي عَنْهُمْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ عَظْمًا، إِلَّا وَجَدُوا لَحْمَهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ أُكِلَ، وَلَا رَوْثَةٍ إِلَّا وَجَدُوا فِيهَا حَبَّهَا الَّذِي كَانَ فِيهَا يَوْمَ أُكِلَتْ، فَلَا يَسْتَنْقِي أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَظْمٍ وَرَوْثَةٍ) رواه الطبراني في مسند الشاميين .. وذكره بن كثير في تفسيره وقال إسناده غريب جدا (أي ضعيف) ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- العلة الأولى: هي شيخ الطبراني (محمد بن عَبْدة أَبُو بَكْر المِصِّيصِيّ) وهو مجهول الحال كما ذكر ذلك في تحقيق صاحب كتاب "إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني ترجمة برقم 952" .. كما أن الذهبي ذكره في تاريخ الإسلام (6/813) ولم يذكر فيه جرحا ولا عدالة ..
 
ب- والعلة الثانية: هي مجهولية الذي حدَّث أبا سلام عن عمرو بن غيلان .. والله أعلم .
 
- ثم وجدت هذا الحديث قد رواه الطبري في تفسيره (ج22/ص137) في تفسير سورة الأحقاف آية 29 .. وأظهر هذا الراوي المجهول في رواية الطبراني وهو (عبد الله بن عمرو بن غَيلان الثقفيّ) وهو رجل مجهول ..!!
 
ج- والحديث منكر وفيه كذب ظاهر .. لمخالفته ما جاء في الصحيح من أن بن مسعود لم يخرج مع النبي في ليلة الجن .. بل وقوله في الرواية أن بن مسعود قال: (أجل) أي كنت معه .. فهذا كلام كذب ومخالف للصحيح - فعن دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَامِرٍ الشعبي قَالَ: (سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ: هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ فَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ فَقَالَ: لَا) صحيح بن خزيمة .
- وعَنِ عامر الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بن قيس، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: (هَلْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: صحيح.
 
د- فضلا عن أنه لا يعقل أصلا أن تتم نفس الواقعتين بمعنى قريب من القصة في مكة بل وبنفس التنبيه لابن مسعود الذي في آخر الحديث ..!!
 
2- الرواية الثانية: (حديث ضعيف ومتن فيه كذب) .. عن معمر عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن عبد الله بن عَمْرو بن غيلَان الثَّقَفِيّ أَنه قَالَ لِأَبْنِ مَسْعُود: (حُدِّثْتُ أَنَّكَ كُنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ وَفْدِ الْجِنِّ، قَالَ: أَجَلْ .. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا وَقَالَ: «لَا تَبْرَحْ مِنْهَا» ، فَذَكَرَ أَنَّ مِثْلَ الْعَجَاجَةِ السَّوْدَاءِ غَشِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذُعِرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الصُّبْحِ، أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَنِمْتَ؟» قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ مِرَارًا أَنْ أَسْتَغِيثَ بِالنَّاسِ حَتَّى سَمِعْتُكَ تَقْرَعُهُمْ بِعَصَاكَ تَقُولُ: «اجْلِسُوا» ، قَالَ: «لَوْ خَرَجْتَ لَمْ آمَنْ أَنْ يَخْتَطِفَكَ بَعْضُهُمْ» ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟» قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ رِجَالًا سُودًا مُسْتَشْعِرِي ثِيَابٍ بِيضٍ، قَالَ: «أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ، سَأَلُونِي الْمَتَاعَ، وَالْمَتَاعُ الزَّادُ، فَمَتَّعْتُهُمْ بِكُلِّ عَظْمٍ حَائِلٍ أَوْ بَعْرَةٍ أَوْ رَوْثَةٍ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِي ذَلِكَ عَنْهُمْ؟ قَالَ: «إِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَظْمًا إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ لَحْمَهُ يَوْمَ أُكِلَ، وَلَا رَوْثَةً إِلَّا وَجَدُوا فِيهَا حَبَّهَا يَوْمَ أُكِلَتْ، فَلَا يَسْتَنْقِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ بِعَظْمٍ وَلَا بَعْرَةٍ وَلَا رَوْثَةٍ) رواه الطبري في تفسيره ..  
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- في السند (عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي) وهو رجل مجهول ..!!
 
ب- وفيه (يحي بن كثير) قد دلس في الرواية وعنعن عن عبد الله بن عمرو بن غيلان .. ويوجد انقطاع بن يحيى بن كثير وعبد الله بن غيلان حيث قد سقط الواسطة بينه وبين بن غيلان وهو (أبا سلام الأسود – وهو ممطور الحبشي) .. وحتى لو ظهر في الرواية فإن (يحيى بن كثير) لم يقابل (أبا سلام)  ولم يسمع منه ..!!
 
ج- والحديث منكر وفيه كذب ظاهر .. لمخالفته ما جاء في الصحيح من أن بن مسعود لم يخرج مع النبي في ليلة الجن .. وقد سبق وذكرت ذلك في الرواية السابقة .
 
#- وفي الإجمال لم تصح هذه الرواية الوحيدة .. قيلت عن خروج بن مسعود مع النبي في المدينة للقاء الجن .. لأن المعلوم أن كل الروايات قيلت في مكة .. ولا يعقل أصلا أن تتم نفس الواقعتين بمعنى قريب من القصة في مكة بل وبنفس التنبيه لابن مسعود الذي في آخر الحديث ..!!
 
#- خلاصة القول:
- لم يصح شيء من الروايات التي قيلت في قصة خروج بن مسعود مع النبي للقاء الجن في أي مكان .. سواء في مكة أو المدينة..
- وهناك روايات أخرى قيلت في بعض الصحابة أنهم حضروا لقاء الجن مع النبي .. ولكن هذا نناقشه في فصل آخر ..
 
#- وبهذا يكون ختام الروايات التي قيلت في خروج بن مسعود مع النبي للقاء الجن في ليلة ثانية .. وهذه الروايات سواء التي قيلت في مكة أو المدينة .. لم يصح منها شيء أبدا ...

#- وملخصها عشرون رواية بأسانيد مختلفة وقصتين مركبتين مروية في التفاسير:
1- خمسة روايات في منطقة الحجون .. مع قصتين مركبتين من عدة روايات يذكرهما اهل التفسير..
2- أربعة روايات قيلت في منطقة بأعلى مكة .. وغالبا هي نفس منطقة الحجون ..!!
3- سبعة روايات قيلت في بطحاء مكة .. والتي غالبا أيضا هي منطقة الحجون ..
4- ثلاث روايات في أماكن مجهولة ..
5- رواية واحدة قيلت في المدينة وهي رواية لا يمكن ولا يعقل ان تصح ولا أن تكون حدثت اصلا ..!!

#- ونختم الكلام على قصة بن مسعود الخاصة بخروجه مع النبي ليلة الجن .. ببعض المسائل التي قد تخطر على البال أو قيلت فعلا .. في فصل قادم إن شاء الله .

  *****************

يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 5 تعليقات:

  1. يا هادي للخير بكل وسائله
    اهدى بن عوف حتى ينال مطالبه
    قد نلت خيرا مما هو قائله
    فامنن عليه وكثر من مقائله
    واقلل منه واحجب عنه مفاتنه
    وافتح الهى للقلب مسامعه
    واجعلنا ممن سعدوا و هدوا لمنافعه
    وحصلوا منه درر مجامعه
    عذرا سيدى فلن اوفيك حقك
    حتى يبلغ القلب منك مطامعه







    ردحذف
  2. ما شاء الله ..
    لقد ابليت في التحقيق بلاء حسنا استاذنا الفاضل
    زادك الله من فضله الواسع نورا وبصيرة في القلب والسريرة .. وأيدك بالحق وأيد الحق بك حتى تتم المسيرة .. امين يارب العالمين

    ردحذف
  3. يارب ياشافي = أشفي وعافي
    يارب
    أشفي وعافي وداوي وعالج كل مريض وتعبان وموجوع ومتألم
    يارب ياشافي = استجب

    ردحذف
  4. جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الفاضل وزادك الله من فضله
    الله يعينك ويقويك يا على ما كلفك ويستخدم فيما يحب ويرضى
    ***********************
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف