ج22: معتقدات موروثة - هل اسم قُزَح من أسماء الشيطان إبليس ويصح أن نقول قوس قُزَح - هل جاء في الحديث النبوي أو كلام الصحابة أن سبب وجود وظهور قوس قزح هو عهد من الله بالأمان من الغرق.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات و أسماء الشياطين غير ذلك

(الفصل الثاني والعشرون)

#- فهرس:

:: الفصل الثاني والعشرون :: ج3/ معتقدات عن أسماء الشيطان –  عن اسم قزح وعلاقته بالشيطان ومدى صحة أن نقول قوس قزح – وما هو مفهوم سبب ظهور ووجود قوس قزح في العقيدة اليونانية وفي الديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية ::

1- س96: هل اسم قُزَح من أسماء الشيطان إبليس ويصح أن نقول قوس قُزَح ؟

#- أولا: المعتقد بأن اسم (قُزَح) هو اسم للشيطان فهذا قول باطل ومخالف لما جاء في نصوص الشريعة بل وفي اللغة العربية ..

#- ثانيا: ما جاء في الأحاديث المنسوبة للنبي وهي مكذوبة عليه صلى الله عليه وسلم.

#- ثالثا: ما جاء من الأخبار المروية عن بعض الصحابة والتابعين في أن قُزح اسم للشيطان ..

#- رابعا: هل قزح كان اسم صنم يعبده بعض العرب في أزمنة جاهلية قديمة ؟

#- خامسا: خلاصة القول أخي الحبيب في مسألة (اسم الشيطان قزح).

 

2- س97: هل جاء في الحديث النبوي أو كلام الصحابة أن سبب وجود وظهور قوس قزح هو عهد من الله بالأمان من الغرق ؟

#- أولا: ما جاء في الاحاديث المنسوبة للنبي والتي قيل فيها أنه تكلم عن سبب ظهور ووجود قوس قزح ..

 #- ثانيا: في الخرافات والأساطير القديمة يظهر معنا سبب ظهور ووجود (قوس قُزَح) ..

#- ثالثا: في التوراة التي يعتقدها الآن اليهود والنصارى يظهر معنا سبب ظهور ووجود (قوس قزح) – ولكن لم يأتي فيه أن (قزح) اسم للشيطان ..

#- رابعا: هل جاء عن بعض الصحابة أن قوس قزح له سبب في وجوده بخلاف كونه ظاهرة طبيعية لها أسبابها الخاصة ؟.

#- خامسا: خلاصة القول أخي الحبيب في سبب ظهور ووجود (قوس قزح).

***************************

:: الفصل الثاني والعشرون ::

:: ج3/ معتقدات عن أسماء الشيطان – عن اسم قزح وعلاقته بالشيطان ومدى صحة أن نقول قوس قزح – وما هو مفهوم سبب ظهور ووجود قوس قزح في العقيدة اليونانية وفي الديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية ::

**************************

 

..:: س96: هل اسم قُزَح من أسماء الشيطان إبليس ويصح أن نقول قوس قُزَح ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من الظنون الخاطئة وترتقي إلى الخرافة هو الظن بأن اسم (قُزَح) من أسماء الشيطان .. وبالتالي حينما يقال على قوس الألوان الذي يظهر في السماء في وقت الربيع أنه (قوس قُزح) .. فهذا شيء مباح قوله ولا علاقة له بالشيطان .. !!
 
- ولكن من أين أتت معلومة أن الشيطان اسمه (قُزَح) ؟ وهذا ما نبحث فيه هنا بإذن الله .
 
#- أولا: المعتقد بأن اسم (قُزَح) هو اسم للشيطان فهذا معتقد باطل ومخالف لما جاء في نصوص الشريعة بل وفي اللغة العربية ..
1- جاء في نصوص الحديث في وصف حج النبي صلى الله عليه وسلم .. يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (وقَف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَفةَ، فقال: هذا المَوقِفُ، وعَرَفةُ كلُّها مَوقِفٌ، ثُم أردَف أُسامةَ، فجعَل يُعنِقُ على ناقتِه، والنَّاسُ يضرِبونَ الإبلَ يَمينًا وشِمالًا، لا يَلتَفِتُ إليهم، ويقولُ: السَّكينةَ أيُّها النَّاسُ، ودفَع حينَ غابتِ الشَّمسُ، فأَتى جَمْعًا، فصلَّى بها الصَّلاتَيْنِ -يعني المغرِبَ والعِشاءَ- ثُم بات بها، فلمَّا أصبَح وقَف على قُزَحَ، فقال: هذا قُزَحُ، وهو المَوقِفُ، وجَمْعٌ كلُّها مَوقِفٌ .. إلى آخر الرواية) رواه أحمد والترمذي .. وقال محققو المسند: إسناده حسن .. وكذلك قال الألباني في تخريج سنن الترمذي بأنه حسن .
 
- وفي رواية بلفظ: (وَقَالَ حِينَ وَقَفَ عَلَى قُزَحَ: «هَذَا الْمَوْقِفُ، وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ) هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
 
- قوله (قُزَح): جبل بمنطقة منزدلفة .. ويقال على آخر حدود منزدلفة .
 
- وسبب تسمية العرب للجبل بأنه (قزح) .. لعل ذلك لأنهم كانوا يرون هذا القوس بوضوح من خلال هذا الجبل .. والله اعلم .
- وجاء في مرآة الزمان لسبط بن الجوزي رحمه الله: وأول ما رؤي في الجاهلية على قُزَح، وهو الجبل الذي يُؤخذ منه الجِمار فينسب إليه. (راجع مرآة الزمان ج6 ص455).
 
#- ومما سبق كافي جدا أن تعلم أن قول (قزح) ليس فيه حرمانية ولا أي شيء مما يكتبه بعض أهل العلم .. وإنما هذا خرافة وكلام باطل واعتداء على الشريعة بما ليس فيها أصلا بل ومخالف لها .. لأن النبي وصف اسم الجبل بأنه (قزح) أي جبل قزح .. فكيف يقال أن اسم قزح منهي عنه في الشريعة .. فهذا كلام باطل بلا شك وقلة تحقيق وكلام سخيف يتم تدوينه في كتب بعض أهل العلم دون برهان ..!!
 
- أخي الحبيب بعد أن تبين لك الحق .. فالآن يمكنك أن تتبع النبي .. أو تتبع ظنون من قالوا أن (قزح) اسم شيطان ..!!
 
- ولكن دعني أزيدك من البيان بيانا .. فالمسألة لم تنتهي عند هذا الحد وإن كان ما سبق كافي جدا .. ولكن أكمل معي ..
 
2- أما من حيث اللغة .. فماذا يقول أهل اللغة في معنى (قٌزَح) ؟..
- اكتفي فقط بذكر ما يتعلق ببعض المعاني لكلمة قزح وارتباطها بالألوان لأنها الأقرب للصواب .. ولأن المعاني الأخرى لا دلالة عليها مثل كون قزح هو اسم للشيطان أو اسم للملاك وهذا كلام باطل أصلا ولا علاقة له باللغة ولذلك لم أذكره ..!!
 
أ- قال الإمام أبو القاسم بن عباد (المتوفى: 385هـ):
- القِزْحُ: ابْزَارُ القِدْرِ ، قَزَّحْتُ القِدْرَ تقْزِيْحاً ..، وقَوسُ قُزَحَ: مَعْروفٌ - والقُزَحُ: الطَّرائقُ التي فيها، والواحِدة قُزْحَةٌ .. والتَّقْزِيحُ: يكونُ على رأْسِ شَجَرَةٍ أو نَبْتٍ إذا انْشَعَبَ شُعَباً. (المحيط في اللغة ج1 ص162).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- في قوله (ابْزَارُ القِدْرِ): أي تتبيل الأواني بالتوابل – كالكمون والفلفل والقرفة والبهارات المختلفة – و القِدْرِ هي الأواني التي يتم الطبخ فيها .. والله أعلم .
- وقوله (والقُزَحُ: الطَّرائقُ التي فيها): أي الألوان التي تظهر بشكل مسارات وتأخذ منحنى كالقوس .
- وقوله (التقزيح يكون على رأس شجرة): أي الفروع المتنوعة والمتشعبة على رأس الشجرة ..
- والذي يظهر من الكلام أن كل ما يتم التنويع فيه بطرق مختلفة فيها عدة تفريعات يسمى تقزيح .. ففروع الشجر وألوان الطيف والطرق المتشعبة في الجبال .. أو أي مسارات وطرق وأنواع وألوان متعددة .. سواء كانت في طبيخ أو صورة أو شكل .. فاللون الواحد يسمى (قزحة) والألوان (قُزح) .. والله أعلم .
 
ب- قال الإمام الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502هـ):
- قوس قزح: قيل: سمى بذلك لتقزّحه أي تلونه. يقال: قزحت القدر أي بزرتها وجعلت فيها توابل.  (راجع محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء ج2 ص572).
 
 
ج- وقال الإمام بن منظور (المتوفى: 711هـ) في بعض كلامه عن لفظ (قزح):
- فقال بن منظور نقلا عن البعض: وَيُقَالُ إِن قُزَحاً جَمْعُ قُزْحة، وَهِيَ خُطُوطٌ مِنْ صُفْرَةٍ وَحُمْرَةٍ وَخُضْرَةٍ .. (راجع لسان العرب ج2 ص564).
- وقال بن منظور في موضع آخر: التَّقْزِيحِ وَهُوَ التَّحْسِينُ .. وَقِيلَ: مِنَ القُزَحِ، وَهِيَ الطَّرَائِقُ والأَلوان الَّتِي فِي الْقَوْسِ، الْوَاحِدَةُ قُزْحة .. (راجع لسان العرب ج2 ص563).
 
3- أما عما قاله بعض العلماء مثل ما ذكره الإمام بن القيم في كتابه زاد المعاد .. تحت عنوان: (فَصْلٌ فِي أَلْفَاظٍ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ تُقَالَ) فمما ذكره بن القيم:
- ومنها: كراهة أن يقول: قَوْسُ قُزَحَ لهذا الذي يُرَى في السماء. (زاد المعاد ج2 ص432) .
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): وهذا كلام غير صحيح عن النبي ولم يصح من الإمام بن القيم أن يقوله فهو وهم منه رحمه الله .. ولعل ذلك بسبب بعض الأخبار التي قرأها ولم يتبين له صحتها أو لعله قالها نقلا عمن قبله من العلماء الذين ذكروا ذلك .. ولكن الحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكره أن يقال ذلك .. ولم يأتنا عنه خبر صحيح بذلك .. ولو كان مكروها فلماذا وصف جبل مزدلفة بأنه (قزح) ..!! فهل مباح للجبل وحرام على الألوان التي تظهر في السماء ؟!!
- كيف نعقل ذلك ؟!!
 
#- ثانيا: ما جاء في الأحاديث المنسوبة للنبي وهي مكذوبة عليه صلى الله عليه وسلم.
- (حديث ضعيف جدا أو موضوع "مكذوب") .. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ بْنِ بَحْرٍ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عُبَيْدٌ الْعِجْلِيُّ الْحَافِظُ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ الْحَبَطِيُّ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَقُولُوا: قَوْسُ قُزَحَ فَإِنَّ قُزَحَ شَيْطَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا: قَوْسُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء وقال: غريب من حديث أبي رجاء، لم يرفعه فيما أعلم إلا زكريا بن حكيم..، وذكر هذا الحديث بن الجوزي في الموضوعات وحكم عليه الألباني بأنه موضوع .
 
- وفي رواية بنفس الإسناد السابق وقريبا من لفظه: (لَا تَقُولُنَّ قَوْسَ قُزَحَ، فَإِنَّ قُزَحَ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا قَوْسُ اللَّهِ وَهُوَ أَمَانٌ مِنَ الْغَرَقِ) ذكره بن الجوزي في الموضوعات .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وفي السند (زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ الْحَبَطِيُّ) .. وهو متروك الحديث .. قال أحمد بن حنبل: ترك الناس حديثه ..، وقال بن حبان: لا يجوز أن يحتج به ..، وقال النسائي ليس بثقة ..، وقال الدارقطني ضعيف ..، وقال ابن معين ليس حديثه بشيء ومرة قال ليس بثقة. (راجع تاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص366)..، وقال ابن حبان: يروي عن الأثبات مالا يشبه أحاديثهم حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، لا يجوز الاحتجاج بخبره. (المجروحين لابن حبان ترجمة رقم 379).
- وقول بن حبان (يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها) أي أن هذا الشخص يضع الحديث ويفتريه عمدا منه فعل ذلك ..
 
@- ووجدت في رواية ذكرها الإمام العقيلي قال فيها:
- (خبر ضعيف جدا أو موضوع ولكن موقوف على قول بن عباس) .. عن محمد بن بكار: حدثنا زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لا تَقُولُوا قَوْسُ قُزَحَ، فَإِنَّ قُزَحَ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا قَوْسُ اللَّهِ، أَمَانٌ لِأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ) رواه العقيلي (المتوفى: 322هـ) في الضعفاء الكبير .. وذكره عنه الذهبي في تاريخ الإسلام في ترجمة زكريا بن حكيم ج4 ص366.
 
- وهذا يدل على أن الحديث المنسوب للنبي هو مكذوب عليه بلا شك .. وأن الخلل فيه من أحد الرواة وهذا الخلل لا يحدث إلا عن متهم فيه في سلسلة الرواة ولا يوجد متهم إلا (زكريا بن حكيم) .. فمرة يرفعه لقول النبي ومرة يوقفه على قول صحابي .. ولذلك ترك الناس حديثه ..!!
 
#- وخلاصة القول في الحديث السابق:
- أنه لا يوجد رواية واحدة صحيحة منسوبة للنبي تقول أن (قزح) اسم للشيطان .. فهي حديث مكذوب على النبي ولم يصح ..
 
#- ثالثا: ما جاء من الأخبار المروية عن بعض الصحابة والتابعين في أن قُزح اسم للشيطان ..
1- (خبر ضعيف جدا مروي عن الإمام علي – ومنكر المتن) .. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ هِلَالٍ: (أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ، قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: مَا قَوْسُ قُزَحَ؟ قَالَ: لَا تَقُولُوا قَوْسَ قُزَحَ، فَإِنَّ قُزَحَ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنْ أَمَنَةٌ مِنَ اللَّهِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ) رواه بن وهب في جامعه.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- وفي السند (عبد الله بن عياش القتباني) وهو شيخ بن وهب .. هو صدوق يخطيء .. ولا تقبل روايته إلا في المتابعات والشواهد لأن فيه ضعف كما قال مصنفو تحرير تهذيب التهذيب .. وحسنه الذهبي في سير أعلام النبلاء في ج7 ص333.
 
ب- وفيه (عمر بن عبد الله مولى غفرة) .. وهو ضعيف الحديث .. ضعفه بن معين والنسائي (راجع ديوان الضعفاء والمتروكين ترجمة 3075).. وقال بن عدي في الكامل: قد روى عنه الثقات .. وَهو ممن يكتب حديثه.(راجع الكامل في الضعفاء ترجمة 1207).
 
ج- وفيه (حمَّاد بن هلال) .. مجهول ولم أجد له ترجمة ..!!
 
د- والحديث أصلا مرسل من (عمر مولى غفرة) ومن (حماد بن هلال) .. لأن كلاهما لم يقابل علي بن أبي طالب ولم يحضرا هذا اللقاء بين ابن الكواء وعلي بن أبي طالب ..!!
 
@- أما عن نكارة المتن .. فهو نص مخالف لنصوص الشريعة وللغة وللعقل بل وللعلم المحقق أيضا .. إذا كيف يقال أن هذه الظاهرة حدثت بعد الطوفان وهذه الظاهرة الطبيعية كانت تحدث منذ أن خلق الله الأرض ..!!
 
2- (خبر ضعيف جدا مروي عن الإمام علي – ومتن فيه نكارة) .. عن أبو عمر هِلالُ بْنُ الْعَلاءِ بْنُ هِلالُ الرقي نا أبي نا إِسْحَاقُ بن يوسف الأَزْرَقُ نا أَبُو سِنَانٍ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ الْهِلالِيِّ: (وَافَقْنَا مِنْ عَلِيٍّ طِيبَ نَفْسٍ وَمُزَاحٍ، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ: " كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِي .. [وذكر خبر طويل جدا وجاء في آخره] فقام ابن الكواء فقال يا أمير المؤمنين ...فأخبرنا عن قوس قزح ؟ قال ثكلتك أمك لا تقل قزح فإن قزح الشيطان ولكن قل قوس الله وهو أمان لأهل الأرض من الغرق) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق ج27 ص99-100.. ورواه ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة حديث رقم 494 .. ولكن سنناقش سند رواية الضياء المقدسي في رواية منفردة وهي الرواية التالية وهي بنفس المتن ولكن مختلفة السند .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- تنبيه: يوجد خطا في كتابة السند السابق عند بن عساكر .. وهو عند قوله (نا أبو سنان الضحاك بن مزاحم ) .. وهذا خطأ وتصحيحه كما في رواية بن الأثير مكتوب فيها (عن أبو سنان عن الضحاك بن مزاحم) كما في كتاب أسد الغابة برقم 822 .. وأبو سنان هو سعيد بن سنان البرمجي وهو ثقة.
 
- وفي السند (العلاء بن هلال الرقي) وهو والد هلال بن العلاء .. وهو منكر الحديث وضعيف جدا .. قال الإمام بن حجر: قال أبو حاتم منكر الحديث ضعيف الحديث عنده عن يزيد بن زريع أحاديث موضوعة، وقال النسائي هلال بن العلاء روى عن أبيه غير حديث منكر فلا أدري منه أتى أو من أبيه، وقال الخطيب في بعض حديثه نكرة .. قلت (أي بن حجر): ذكره بن حبان في الضعفاء وقال يقلب الأسانيد ويغير الأسماء فلا يجوز الاحتجاج به. (راجع تهذيب التهذيب ج8 ص194 - مختصرا).
 
3- (خبر ضعيف مروي عن الإمام علي – ومتن فيه نكارة) .. عن الْحجَّاج بن مُحَمَّد ثَنَا ابْن جرجي (جريج) ثَنَا أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ (الدؤلي) عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ (وهو ظالم بن عمرو) - وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَرَجُلٍ عَنْ زَاذَانَ كَذَا قَالا: (بَيْنَا النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ عَلِيٍّ إِذْ وَافَقُوا مِنْهُ نَفْسًا طَيِّبَةً فَقَالُوا حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ عَنْ أَيِّ أَصْحَابِي قَالُوا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ثم ذُكر خبر طويل جدا وجاء فيه] فقام عبد الله بن الكواء الأعور من بني بكر بن وائل.. قَالَ فَمَا قَوْسُ قُزَحَ قَالَ لَا تَقُلْ قَوْسُ قُزَحَ فَإِنَّ قُزَحَ الشَّيْطَانُ وَلَكِنَّهُ الْقَوْسُ وَهِيَ أَمَانَةٌ مِنَ الْغَرَقِ) رواه ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة حديث رقم 494 .. وقال: إسناده صحيح .. (قلت خالد صاحب الرسالة) .. بل هو إسناد ضعيف وهذا تصحيح خاطيء من الإمام الضياء المقدسي رحمه الله .. وإليك بيان ذلك ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ملحوظة: قد انتفعت في تخريج هذا الحديث من التعليق الموجود أسفل الفتوى الصادرة عن معهد الدين القيم - عنوان الفتوى: قوس قزح - رقم الفتوى: 4056 - تاريخ الإضافة: 13 جُمادي الآخرة 1441. بإشراف الشيخ أبي الحسن علي الرملي.
 
- تنبيه: يوجد اسنادين في هذه الرواية .. الأول (عن الحجاج بن محمد المصيصي عن بن جريج عن أبو حرب) .. والثاني (عن حجاج عن بن جريج ورجل عن زَاذَانَ) .. بل والإسناد الثاني فيه إسنادين أيضا .. أحدهما (بن جريج عن زاذان) والآخر (رجل عن زاذان) ..!!
 
#- أما عن تخريج الحديث:
أ- وفي السند انقطاع بين (عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج) وبين (أبو حرب) .. ويظهر تدليس بن جريج في الرواية بالعنعنة.
- ملحوظة هامة: تصريح (بن جريج) في الطريق الأول بالتحديث عن (أبي حرب) بقوله (حدثنا أبو حرب) .. هو خطأ وتحريف في السند أو تصحيف فيه .. لأن بن جريج لم يسمع من أبو حرب – فقد قال النسائي: وقال النسائي: ما علمت أن ابن جريج سمع من أبي حرب (راجع تهذيب التهذيب ج12 ص61).
 
ب- وفيه انقطاع بين (بن جريج) و (زاذان الكندي) لأن الإسناد قيل فيه  (وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَرَجُلٍ عَنْ زَاذَانَ) وهذا يكون إسناد آخر في الطريق الثاني وله طريقين أحدهما عن (بن جريج عن زاذان) وهذا يكون طريق منقطع .. والطريق الآخر (رجل عن زاذان) .. وهذا فيه رجل مجهول .. وفي كلا الحالتين يكون الإسناد فيه علة تضعفه ..!!
 
ج- ولكن في الحقيقة نجد أن الإسناد السابق هو إسناد مشوَّه وفيه تصحيف في إسناده .. لأن الإسناد في كتاب المطالب العليا لابن حجر برقم 3990 قد تم روايته بلفظ (عن ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ زَاذَانَ) وبالتالي يكون الإسناد فيه رجل مجهول وهو الذي روى عنه (بن جريج) ..!!
 
4- وفي (خبر موضوع أو ضعيف جدا) .. نجد هذا الرجل المجهول الذي روى عنه (بن جريج) في الرواية السابقة ويظهر معنا في هذه الرواية .. عن حَمَّاد بن عيسى العيشي، حَدَّثَنا ابن جُرَيْج، أخبرني داود بن أبي هِنْد، عن أبي حرب بن أبي الأَسْود، عن أبيه، عن زاذان أبي عُمَر قال: (كنا عند عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام فوافقنا منه طيب نفس , فقال له رجل: يا أمير المؤمنين , حَدَّثَنا عن نفسك ؟ فقال: كنت إذا سألت أعطيت وإذا سكت ابتديت وبين الجوائح علم جم فسلوني..، فقام إليه ابن الكواء الأعور اليشكري فقال: يا أمير المؤمنين فذكر الحديث وقال فيه: يا أمير المؤمنين ما قوس قُزَح ؟ قال: ويلك لا تقل: قزح فإن قزح شيطان، هو القوس أمنة أن لا غرق بعد قوم نُوح) رواه الدارقطني في المؤتلف والمختلف ج4 ص1826.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (حماد بن عيسى بن عبيدة الجهني) .. وروايتة عن بن جريج على وجه الخصوص موضوعة وباطلة .. وقال بن حجر رحمه الله: قال الحاكم والنقاش يروي عن ابن جريج وجعفر الصادق أحاديث موضوعة وضعفه الدارقطني وقال ابن حبان يروي عن ابن جريج وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أشياء مقلوبة يتخايل إلى من هذا الشأن صناعته أنها معمولة لا يجوز الاحتجاج به وقال ابن ماكولا ضعفوا أحاديثه. (راجع تهذيب التهذيب ج3 ص19).
 
5- قال الإمام سبط بن الجوزي عن الإمام علي:
- ومن كلامه (أي كلام الإمام علي) في قوس قَزَح .. حكى الحارث الأعور عنه قال -وكنية الحارث أبو زهير، وأبوه عبد الله، ويقال: عُبيد، الهَمْداني الكوفي، من أصحاب ابن مسعود، حمل عنه العلم، قال - قال علي - عليه السلام -: (لا تقولوا: قوس قُزَح، وإنما قولوا: قوس الله، وأمانٌ من الغَرَق) ذكره سبط بن الجوزي في مرآة الزمان ج6 ص455.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وفي السند (الحارث بن عبد الله الأعور) .. وهو متهم بالكذب من بعض العلماء كالشعبي والنسائي وبن المديني .. وعموم العلماء على أنه لا يحتج بحديثه واكتفوا بتضعيفه.
@ - وسبب ذكر هذا الخبر هنا بالرغم من عدم ظهور اسم (قزح) .. ولكن لأن فيه أن لا تقول (قوس قزح) .. وكأنه اسم للشيطان ولكن تم حذفه من الرواية ..!!
 
6- (حديث ضعيف جدا أو موضوع – مروي عن بن عباس) .. عن زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (لا تَقُولُوا قَوْسُ قُزَحَ، فَإِنَّ قُزَحَ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَلَكِنْ قُولُوا قَوْسُ اللَّهِ، أَمَانٌ لِأَهْلِ الأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ) رواه العقيلي (المتوفى: 322هـ) في الضعفاء الكبير .. وذكره عنه الذهبي في تاريخ الإسلام في ترجمة زكريا بن حكيم ج4 ص366.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (زَكَرِيَّا بْنُ حَكِيمٍ الْحَبَطِيُّ) وقد سبق الكلام عليه بأنه ضعيف جدا حتى شك بن حبان في أن حديثه موضوع .. وراجع الكلام على هذا الراوي في الحديث الأول المكذوب على النبي لتعرف ما قيل فيه ..
 
7- (خبر ضعيف مروي عن تابعي – ومنكر المتن) .. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: (لَا تَقُولُوا قَوْسَ قُزَحَ، فَإِنَّمَا الْقُزَحُ شَيْطَانٌ، وَلَكِنَّهَا الْقَوْسُ) رواه بن وهب في جامعه.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- وفي السند (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ – وهو المسعودي) .. وفيه ضعيف بسبب اختلاطه .. ولا نعرف هل سمع من (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ العدوي) قبل الإختلاط أم بعده ..!!
ب- وحتى على افتراض أن (عبد الله بن يزيد) سمع من (عبد الرحمن) قبل الإختلاط .. فهذا مجرد خبر مرسل من (القاسم بن عبد الرحمن التابعي) .. لأن هذا الخبر لا يقال بالرأي ولا بالإجتهاد .. ولابد أن يكون سمعه من أحد ولكن هذا لا يظهر في الرواية ..
@- أما عن نكارة المتن .. فهو نص مخالف لنصوص الشريعة وللغة .. وقد تبين لك ذلك ..
 
8- (خبر في روايات الشيعة وهو خبر مكذوب مروي عن تابعي - ومتن كله منكر) .. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحرث بن سفيان الحافظ السمرقندي قال: حدثنا صالح بن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: إن أهل الكتابين يقولون: (أن إبليس عمر زمان الغرق كله في الجو الاعلى، يطير بين السماء والأرض بالذي أعطاه الله تبارك وتعالى من القوة، والحيلة وعمرت جنوده في ذلك الزمان، فطفوا فوق الماء. وتحولت الجن أرواحا، تهب فوق الماء .. وبذلك توصف خلقتها إنها تهوى هوى الريح .. وإنما سمي الطوفان طوفانا، لأن الماء طفا فوق كل شيء .. فلما هبط نوح عليه السلام من السفينة أوحى الله عز وجل إليه يا نوح إنني خلقت خلقي لعبادتي، وأمرتهم بطاعتي، فقد عصوني، وعبدوا غيري، واستوجبوا بذلك غضبي فأغرقتهم .. وإني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي، وموثقا منى بيني وبين خلقي، يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق .. ومن أوفى بعهده مني ؟!! .. ففرح نوح عليه السلام بذلك وتباشر .. وكانت القوس فيها سهم ووتر .. فنزع الله عز وجل السهم والوتر من القوس وجعلها أمانا لعباده وبلاده من الغرق) رواه الشيخ الصدوق في علل الشرائع حديث برقم 22 ج1 ص30-31 (وهو من كتب الشيعة) .. وعنه ذكره الشيخ نعمة الله الجزائري في النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين (وهو من كتب الشيعة) ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- بالرغم من وجود مشايخ في السند جميعهم مجهولون بالنسبة لأهل السنة .. ولكن السند من أول (عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه) .. هو سند معلوم .. وأقول:
 
أ- في السند (عبد المنعم بن إدريس وأبيه) .. كلاهما متروك الحديث كما قال الدارقطني (راجع الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ترجمه 2190) ..، وقال الذهبي في الميزان: عبد المنعم بن إدريس اليماني مشهور قصاص ليس يعتمد عليه تركه غير واحد وأفصح أحمد بن حنبل فقال: كان يكذب على وهب بن منبه..، وقال البخاري: ذاهب الحديث..، إلى أن قال: وقال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وعلى غيره مات سنة ثمان وعشرين ومائتين ببغداد. اهـ..، وزاد ابن حجر: ونقل ابن أبي حاتم، عن إسماعيل بن عبد الكريم: مات إدريس وعبد المنعم رضيع، وكذا قال أحمد إذا سئل عنه لم يسمع من أبيه شيئا. وذكر عن ابن معين أنه قال: الكذاب الخبيث. (راجع رجال الحاكم في المستدرك للشيخ مقبل الوادعي رحمه الله ترجمة رقم932).
 
ب- والمتن كله مروي عن أهل الكتاب ولا علاقة له بالدين الإسلامي .. يعني منقول من الإسرائليات ..
 
#- رابعا: هل قزح كان اسم صنم يعبده بعض العرب في أزمنة جاهلية قديمة ؟
- قال الدكتور جواد علي (المتوفى: 1408هـ):
- ويقال أن قزح أو قزاح هو اسم صنم :
- قزح "قزاح"، فالظاهر أنه صنم، كان الناس يتصورون أنه يبعث الرعد والعواصف .. وقد نُسي على ما يُظَن ..
- ولا بد أن يكون لقوس قزح علاقة ما بهذا الصنم القديم .. وقد يكون لاسم قزح وهو من مواضع الحرم بمكة، علاقة باسم هذا الوثن العتيق .. وقد تعبد بنو أدوم لصنم اسمه "قزح" Koze مما يدل على أنه هو الصنم العربي الذي نتحدث عنه. والظاهر أنه كان من الأصنام القديمة المعروفة، غير أنه فقد منزلته وقلت أهميته، فلم يكن من الأصنام الكبرى عند ظهور الإسلام. ويخالف "نولدكه" رأي بعض المستشرقين الذين ذهبوا إلى أن المراد بقزح الشيطان، لا صنم من الأصنام. (راجع المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج11 ص287)
 
- وفي موضع آخر يقول: "قُزاح" وهو صنم كان يعبد على مقربة من مكة. (راجع المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج2 ص255).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على كلام الدكتور جواد علي:
1- لو كان كما ظن الدكتور جواد علي .. أن قزح اسم صنم كان يعبده العرب أو أن جبل مزدلفة تسمى باسم (قزح) لأنه كان يوجد صنم يعبد بالقرب من هذا المكان .. فهذا كلام أظنه خاطيء ولا يمكن تصديقه .. لأنه لو كان الأمر كذلك ما كان النبي نطق اسم قزح على جبل مزدلفة .. بل ولكان نهى المسلمين عن قوله وأرشدهم إلى أنه كان اسم صنم أو اسم شيطان .. بل ولم يذكر صحابي ولا تابعي أنه كان يوجد صنم يدعى قزح .. وفي حدود بحثي لم أجد صنما يدعى (قزح) ..!!
 
2- وإنما قد يكون اسمه (قزاح) كما أشار إليه الدكتور جواد علي .. والله أعلم .
 
3- وكل ما ذكره الدكتور جواد عن (قزح) أو (قزاح) .. هو مجرد كلام مرسل بعضه عن مستشرقين واستنتاج منه رحمه الله .. ولا يوجد دليل على ما قال .. فلزم التنوية لذلك .
 
#- خامسا: خلاصة القول أخي الحبيب في مسألة (اسم الشيطان قزح):
1- أن الحديث الذي قيل فيه أن اسم الشيطان هو قزح ونسبوا هذا الحديث للنبي .. فإنما هو حديث مكذوب على النبي من اختراع الكذابين ..
 
2- في كل الروايات السابقة عن الصحابة والتابعين .. لا يوجد رواية واحدة صحيحة منسوبة لصحابي أو تابعي يقال عنها أن (قزح) اسم للشيطان .. لأنها روايات باطلة ولم يصح منها شيئا .. ولكن صح من بعض الروايات أقوال عن الصحابة في مفهوم قوس قزح .. ولكن لم يأتي فيها أن (قزح) اسم للشيطان .. وسيأتي بيانها في سؤال منفصل إن شاء الله . .
 
3- تبقى أن تعلم أخي الحبيب أن من قال من علماء المسلمين بكراهة القول للفظ (قوس قزح) .. إنما هو قول باطل ولا يصح ولا دليل عليه .. وتذكر ولا تنسى أخي الحبيب قوله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء:59.
 
4- لا تسمح لأحد أخي الحبيب .. أن يجعلك مجرما في دينك بسبب أقوال غير صحيحة لبعض العلماء .. بل ويجعل منها فتوى ..!!

 

**************************

 

..:: س97: هل جاء في الحديث النبوي أو كلام الصحابة أن سبب وجود وظهور قوس قزح هو عهد من الله بالأمان من الغرق ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- بمناسبة الكلام على قوس قزح .. والذي معناه قوس من مجموعة ألوان .. فأحببت أن أختم عليه بعض الكلام إذ قد يظنه البعض أو يعتقده في سبب وجود قوح قزح .. وأن هذا السبب هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. حيث جاءت بعض الروايات تقول أن سبب حدوث قوس قزح قد ذكره النبي في كلامه .. وروايات أخرى قيلت عن الصحابة .. ولذلك أردت أن أختم هذه المسألة كاملة لتطمئن من عقيدتك ومعلوماتك .. وبالله التوفيق .. 

 
#- أولا: ما جاء في الاحاديث المنسوبة للنبي والتي قيل فيها أنه تكلم عن سبب وجود وظهور قوس قزح ..
1- (حديث مكذوب على النبي) .. يوسف بن محمد المؤذن قال حدثنا إبراهيم بن الوليد الجساس قال حدثني أبو عمر الغراني قال حدثنا بشار بن عبيد الله عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانَ القَوسُ كذا يَعني من أوَّلِ السَّنةِ فَهوَ عامٌ خِصبٌ ، وإذا كانَ من آخرِ السَّنةِ فَهوَ أمانٌ منَ الغرَقِ) رواه بن الأعرابي في معجمه برقم 1051 .. وذكره بن الجوزي في الموضوعات وقال: هذا حديث لا يصح، وفي إسناده مجاهيل وضعاف، وقال أبو حاتم الرازي لا يحتج بحديث (عطاء بن أبي ميمونة) ..، وقال أبو الفتح الأزدي: (بشار بن عبيد الله) متروك الحديث جدا منكر الأمر.. (راجع الموضوعات لابن الجوزي ج1 ص143) ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): والمجاهيل في السند هم (يوسف بن محمد المؤذن) و (أبو عمر الغراني) .. والله أعلم .
 
2- (حديث ضعيف جدا ولا يصح) .. عن محمد بن أحمد بن الوليد، نا إسحاق بن سعيد بن الأركون الدمشقي، ثنا خليد بن دعلج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: (أمان الأرض من الغرق القوس، وأمان أمتي من الاختلاف الموالاة لقريش، قريش أهل الله، ثلاثا، فإذا خالفتها قبيلة من العرب صاروا حزب إبليس) رواه الطبراني .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (محمد بن الوليد الكرابيسي) شيخ الطبراني وهو مجهول الحال .. وفيه (إسحاق بن سعيد بن الأركون) وهو ضعيف الحديث .. وفيه (خليد بن دعلج) وهو ضعيف الحديث .
 
- (حديث مكذوب على النبي) بفظ آخر .. عن وهب بن حفص الحراني قال حدثنا محمد بن سليمان الحراني قال حدثنا خليد بن دعلج عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمانٌ لأَهْلِ الأرضِ منَ الغرَقِ القوسُ قُزَحَ .. وأمانٌ لأَهْلِ الأرّضِ منَ الاختِلافِ الموالاةُ لقُرَيْشٍ .. وإذا خالَفَ قُرَيْشًا قبيلةً صارَتْ مِن حزبِ إبليسَ) رواه بن الجوزي في الموضوعات وقال: وهذا موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه خليد بن دعلج وقد ضعفه أحمد والدارقطني، وقال يحيى: ليس بشئ، وقال النسائي: ليس بثقة ..، وفيه (محمد بن سليمان الحراني) قال أبو حاتم الرازي منكر الحديث ..، وفيه (وهب بن حفص) قال أبو عروبة كذاب يضع الحديث يكذب كذبا فاحشا.. قال المنصف  (أي بن الجوزي): قلت وهو المتهم به. (راجع الموضوعات لابن الجوزي ج1 ص143-144).
 
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
- لا يوجد حديث نبوي صحيح تكلم فيه النبي عن قوس قزح بأي حال من الأحوال .. وهذا هو ما بلغني من العلم والله أعلم .
 
#- ثانيا: في الخرافات والأساطير القديمة يظهر معنا سبب ظهور (قوس قُزَح) ..
- يقول الموقع الإلكتروني ويكيبيديا عن الأساطير اليونانية القديمة:
- أن إيريس (بالإنجليزية: Iris)‏ في الأساطير اليونانية، هي الربة المجسدة لقوس قزح .. تعتبر رسول الآلهة إلى البشرية. (انتهى النقل).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة): يعني قبل ستمائة سنة قبل ميلاد المسيح تظهر لنا خرافة أن (إيريس) هي رسول من الآلهة كان يظهر في شكل قوس قزح .. ولكن في تطور آخر للعقيدة اليونانية فيظهر قوس قزح على أنه مجرد معبر أو طريق تدخل منه إيريس رسولة الآلهة إلى عالم البشر ..!!
 
#- ثالثا: في التوراة التي يعتقدها الآن اليهود والنصارى يظهر معنا سبب ظهور ووجود (قوس قزح) – ولكن لم يأتي فيها أن (قزح) اسم للشيطان ..
- فقيل في المعتقد الخاص بهم أن سبب ظهور قوس قزح أن الرب بعد طوفان نوح .. قد أعطى عهد بالأمان من خلال ظهور قوس قزح وهذا رمز لهم بأنه لا طوفان بعد ذلك لأهل الأرض: (وَضَعْتُ قَوْسِي فِي السَّحَابِ فَتَكُونُ عَلاَمَةَ مِيثَاق بَيْنِي وَبَيْنَ الأَرْضِ. فَيَكُونُ مَتَى أَنْشُرْ سَحَابًا عَلَى الأَرْضِ، وَتَظْهَرِ الْقَوْسُ فِي السَّحَابِ، أَنِّي أَذْكُرُ مِيثَاقِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ كُلِّ نَفْسٍ حَيَّةٍ فِي كُلِّ جَسَدٍ. فَلاَ تَكُونُ أَيْضًا الْمِيَاهُ طُوفَانًا لِتُهْلِكَ كُلَّ ذِي جَسَدٍ) "سفر التكوين 9-12".
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على نصوص التوراة السابقة:
1- ولو تأملت أخي الحبيب سياق نص التوراة السابق .. فأنت تشعر منه وكأن الله في معتقد أصحاب التوراة من اليهود والنصارى .. قد أوجد قوس قزح ليذكره عهده مع البشرية بأن لا يغرقهم بطوفان آخر .. فهل الله ينسى في معتقدهم حتى يخلق ما يذكره ؟!!
 
2- وكيف نفهم ان قوس قزح ظهر أول مرة بعد طوفان نوح ؟!! فهل هذا معناه انه لم يكن هناك مطرا من السماء أبدا منذ عهد آدم إلى طوفان نوح ؟!! كيف يمكن تصور ذلك وهو ظاهرة طبيعية نظن أنها موجودة منذ بداية الوجود إذ لا يعقل أنه لم يكن يوجد مطر حتى زمن نوح عليه السلام ..؟!!
 
3- وقال الدكتور مصطفى محمود رحمه الله تعليقا على نصوص التوراة السابقة:
- ومثل آخر للآيات المريبة التي تدعيها التوراة على الله، ما قالته عن قوس قزح في سفر التكوين. وتزعم التوراة أن الله وضع قوس قزح في السحاب بعد طوفان نوح كعلامة ميثاق بينه وبين الأرض ليُذكّر نفسه حتى لا يعود فيُغرق الأرض بطوفان آخر إلى قيام الساعة.. وهذا كلام مخالف لما يقوله العلم الثابت من أن قوس قزح ظاهرة طبيعية تحدث أينما التقى بخار الماء المعلَّق في الجو بأشعة الشمس، فيؤدي انكسار الأشعة على ذرات الماء المعلَّقة إلى انحلال النور الأبيض إلى ألوان الطيف السبعة التي تظهر في قوس قزح وليس من شروط هذه الظاهرة العلمية أن يأتي نوح ويحدث الطوفان فتوضع القوس في السماء ميثاقًا إلهيًا بين الله والأرض.. بل وهي وفقًا لمعلوماتنا ظاهرة قديمة موجودة منذ أن وُجدت الشمس في السماء ومنذ أن حدث التبخر والضباب والسحب وذرات الماء المعلَّقة.. وكلها أمور قديمة.. منذ آدم وقبل آدم. منذ أن نزلت الأمطار على أول نبات في تاريخ الأرض القديم.. وأي طالب ثانوي يستطيع بتجربة بسيطة في معمل الطبيعة أن يصنع قوس قزح الصناعي باستخدام مجموعة مناشير زجاجية يكسر بها الضوء بدلًا من ذرات الماء.. ويحلله إلى قوس من الأطياف السبعة.. ثم لماذا يضع الله علامة في السماء ليتذكر ميثاقه على الأرض، ولماذا يحرص على تذكير نفسه. ليس من صفاته أن ينسى أو أن له ذاكرة ضعيفة مثلنا.. إن كلام التوراة هنا مثير للشك. (راجع كتاب التوراة للدكتور مصطفى محمود).
 
4- ولا تنسى أخي الحبيب ما ذكرناه في آخر السؤال السابق نقلا من مصادر الشيعة .. عما قاله وهب بن منبه نقلا عن أهل الكتاب في معتقدهم عن الطوفان .. والرواية وإن كانت غير صحيحة .. ولكن فيها رائحة من هذه النصوص التوراتية ..!!
 
#- رابعا: هل جاء عن بعض الصحابة أن قوس قزح كان له سبب في ظهوره بخلاف كونه ظاهرة طبيعية لها أسبابها ؟
1- (خبر مكذوب على الإمام علي) .. قال موفق الخوارزمي (من رجال الشيعة): وبهذا الاسناد (أي عن الشيخ الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي)، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزكى املاء، حدثنا أحمد بن محمد بن حرب، حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن محمد بن عمر بن علي ابن أبي طالب، حدثنا يحيى بن عبد الله العلوي - خال جعفر بن محمد - حدثنا نوح ابن قيس، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال:: (رَأَيْتُ عَلِيًّا صَعِدَ الْمِنْبَرَ بِالْكُوفَةِ، وَعَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متقلداً لسيف رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَعَمِّمًا بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِي أصبعه خاتم رسول الله - صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، فَقَالَ: سَلُونِي مِنْ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإِنَّمَا بَيْنَ الْجَوَانِحِ مِنِّي عِلْمٌ جَمٌّ، هَذَا سَفَطُ الْعِلْمِ، هَذَا لُعَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هَذَا مَا زَقَّنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زِقًّا مِنْ غَيْرِ وَحْيٍ إِلَيَّ، فَوَاللَّهِ لَوْ ثُنيت لِي وِسَادَةٌ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا لَأَفْتَيْتُ أَهْلَ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ، وَأَهْلَ الْإِنْجِيلِ بِإِنْجِيلِهِمْ، حَتَّى يُنطق اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ فَتَقُولُ: صَدَقَ عَلِيٌّ، قَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فيَّ، وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ، أَفَلَا تَعْقِلُونَ) رواه الموفق الخوارزمي في مسنده برقم 85..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وفي السند (موفق الخوارزمي) .. راوي الحديث وهو مجهول حاله .. وإن كان معلوم عند الشيعة .
- وفيه (الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي) .. وهو مجهول .
- وفيه (أبو محمد أحمد بن عبد الله المزكى) .. وهو مجهول .
- وفيه (أحمد بن محمد بن حرب بن سعيد بن عمرو) وهو كذاب باتفاق العلماء.
- وفيه (أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب) قال عنه الدارقطني: كذاب..
- وفيه (يحيى بن عبد الله العلوي) مجهول الحال ..
- وفيه (سليمان بن مهران الأعمش) قد دلس في الرواية ..
- وفيه (أبو البحتري وهو سعيد بن فيروز) لم يدرك عليا ولم يقابله ولم يراه فكيف روى عنه ؟!! فقد قال الإمام أبو نصر الكلاباذي: وَذكر أَبُو دَاوُود أَن شُعْبَة قَالَ كَانَ أَبُو إِسْحَاق أكبر من أبي البخْترِي وَلم يدْرك أَبُو البحتري عليا. (راجع رجال صحيح البخاري ترجمة رقم 398)..، وكذلك وذكر الإمام بن حجر أن رواية البحتري عن علي هي مرسلة فقال: وأرسل عن عمر وعلي وحذيفة وسلمان وابن مسعود (راجع تهذيب التهذيب ج4 ص72).
 
#- قال الإمام بن تيميه رحمه الله في الحديث السابق:
- والحديث المذكور عن عَلِيٍّ (كَذِبٌ ظَاهِرٌ) .. لا تجوز نسبة مثله إلى عَلِيٍّ .. فإن عَلِيًّا أعلم بالله وبدين الله من أن يحكم بالتوراة والإنجيل .. إذ كان المسلمون متفقين على أنه لا يجوز لمسلم أن يحكم بين أحد إلا بما أنزل الله في القرآن. (منهاج السنة ج5 ص508).
 
1- (خبر فيه نكارة وبسند صحيح إلى الصحابي بن عباس) .. عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ هِرَقْلَ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَقَالَ: إِنْ كَانَ بَقِيَ فِيهِمْ شَيْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ فَسَيُخْبِرُنِي عَمَّا أَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَجَرَّةِ وَالْقَوْسِ، وَعَنِ الْبُقْعَةِ الَّتِي لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً وَاحِدَةً، قَالَ: فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَةَ الْكِتَابُ وَالرَّسُولُ قَالَ: إِنَّ هَذَا لِشَيْءٌ مَا كُنْتُ أُرَاهُ أَنْ أُسْأَلَ عَنْهُ إِلَى يَوْمِي هَذَا، مَنْ لِهَذَا؟ قِيلَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، فَطَوَى مُعَاوِيَةُ كِتَابَ هِرَقْلَ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «إِنَّ الْقَوْسَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْمَجَرَّةَ بَابُ السَّمَاءِ الَّذِي تَنْشَقُّ مِنْهُ، وَأَمَّا الْبُقْعَةُ الَّتِي لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَالْبَحْرُ الَّذِي أُفْرِجَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ) رواه الطبراني في الكبير .. وقال بن كثير رحمه الله: وهذا إسناد صحيح إلى بن عباس رضي الله عنه. (راجع البداية والنهاية ج1 ص38).
 
#- (وبسند آخر فيه ضعيف) .. نجد نفس متن الرواية السابقة قد ذكرها أبو نعيم في حلية الأولياء ولكن بسند آخر (عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير: (أَنَّ مُعَاوِيَةَ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ثَلَاثَةِ، أَشْيَاءَ ....) (قلت خالد صاحب الرسالة): الرواية فيها إرسال من سعيد بن جبير .. ولكن هذا الإرسال تم وصله في الرواية السابقة للطبراني .. وفي السند (هشيم بن بشير السلمي) وقد دلس في الرواية خاصة وأن في روايته عن (أبي بشر) كان يدلس كما فعل في روايته (ليس الخبر كالمعاينة) .. فقد قال أحمد بن حنبل: لم يسمع هُشيم حديث أبي بشر. (ليس الخبر كالمعاينة) . (راجع ترتيب علل الترمذي الكبيرص387).. وعموما رواية الطبراني سندها صحيح ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- سند الرواية وإن كان صحيح ولكن المعلومة الغيبية عن المجرة وقوس قزح فيه مبهمة عن بن عباس ولم نعرف عمن أخذها .. وغالب الظن أنه أخذها من أهل الكتاب خاصة وأنها مذكورة باللفظ تقريبا في نصوص التوراة .. فيكون هذه الرواية من الإسرائيليات أي من الأخبار المنقولة عن أهل الكتاب ..
 
2- ولكن يظل في هذه الرواية نكارة وهي مفهوم أن قوس قزح أمان لأهل الأرض من الغرق ..!! وقد سبق التعليق على ذلك عند الكلام على نصوص التوراة السابقة .. لأنه لا يعقل أن قوس قزح لم يظهر في تاريخ الطبيعة إلا بعد طوفان نوح لأنه لا يعقل أن نقول أن السماء لم تمطر منذ أن خلق الله الأرض وحتى طوفان نوح ..!!
 
3- إلا لو كان المقصد من كلام بن عباس أن علامة انتهاء الطوفان ظهور قوس قزح .. فهذا حينئذ كلام معقول .. فيظهر الأمر هنا كعلامة أو ظاهرة طبيعية فقط للدلالة على انتهاء الفيضان فحينئذ يستطيع نوح ان يخرج بأمان هو وكل من بالسفينة ..
 
- ولكن ألفاظ الرواية لا أحسبها تشير لذلك بل تشير لألفاظ نصوص التوراة أكثر .. خاصة أنه يوجد رواية عن بن عباس بنفس الإسناد السابق وجاء فيها: (الْقَوْسُ: أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْمَجَرَّةُ: بَابُ السَّمَاءِ الَّذِي تَنْشَقُّ مِنْهُ) رواه البخاري في الأدب المفرد .. وقال الألباني: صحيح الإسناد.
 
- ولذلك هذه المعلومات الغيبية تظل محل نكارة لعدم وجود ما يؤيدها من كلام الله ورسوله .. ولمخالفتها لقانون الطبيعة بان هذا القوس أمان من الله بعدم الغرق مرة أخرى .. وكأن هذا القوس قزح لم يكن موجودا من قبل الطوفان ..!!  
 
 #- (خبر بسند صحيح إلى علي بن أبي طالب - وفيه نكارة ومحتمل دفع النكارة بتأويل ألفاظ الرواية) .. عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ شَهِدْتُ عَلِيًّا وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: (سَلُونِي فَوَاللَّهِ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ وَسَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ .. فَوَاللَّهِ مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ بِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ وَأَمْ فِي سَهْلٍ .. أَمْ فِي جَبَلٍ ..
- فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَأَنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ وَهُوَ خَلْفِي فَقَالَ:
- مَا {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات: 2] ؟..
- فَقَالَ له عَلِيٌّ: وَيْلَكَ سَلْ تَفَقُّهًا وَلَا تَسَأَلْ تَعَنُّتًا , {وَالذَّارِيَاتُ ذَرْوًا} [الذاريات:1] الرِّيَاحِ .. {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات:2] السَّحَابُ .. {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} [الذاريات:3] السُّفُنُ .. {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات:4] فَقَالَ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ ..
- قَالَ: أَفَرَأَيْتَ السَّوَادَ الَّذِي فِي الْقَمَرِ مَا هُوَ؟
- قَالَ: أَعْمَى سَأَلَ عَنْ عَمًى أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ} [الإسراء:12] فَذَلِكَ مَحْوُهُ السَّوَادَ الَّذِي فِيهِ.
- قَالَ: أَفَرَأَيْتَ ذَا الْقَرْنَيْنِ أَنَبِيًّا كَانَ أَمْ مَلِكًا ؟
- قَالَ: لَا وَاحِدَ مِنْهُمَا .. وَلَكِنَّهُ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا أَحَبَّ اللَّهَ فَأَحَبَّهُ اللَّهُ، ونَاصَحَ اللَّهَ فَنَاصَحَهُ اللَّهُ، دَعَا قَوْمَهُ إِلَى الْهُدَى فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ الْآخَرِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الثَّوْرِ.
- قَالَ: أَفَرَأَيْتَ هَذِهِ الْقَوس مَا هِيَ ؟
- قَالَ: عَلَامَةٌ كَانَتْ بَيْنَ نُوحٍ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَأَمَانٌ مِنَ الْغَرَقِ.
- قَالَ: أَفَرَأَيْتَ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ مَا هُوَ؟
- قَالَ: ذَلِكَ الصَّرْحُ فِي سَبْعِ سَمَاوَاتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ .. لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
- قَالَ: فَمَنِ {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28] ؟
- قَالَ الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ بَنُو أُمَيَّةَ، وَبَنُو مَخْزُومٍ كَفَيْتُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ .
- قَالَ: فَمَنِ: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 104] ؟
- قَالَ: «كَانَتْ أَهْلُ حَرُورَاءَ مِنْهُمْ») رواه عبد الرزاق الصنعاني (المتوفى: 211هـ) في تفسيره برقم 2970.. (قلت خالد صاحب الرسالة): سند عبد الرزاق صحيح ..، ورواه بن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله برقم 726.. وقال محققه أبو الأشبال الزوهيري: إسناده صحيح ورجاله ثقات..، ورواه أبي سعيد عيسى بن سالم الشاشي حديث رقم (39).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- سند الرواية وإن كان صحيح ولكن المعلومة الغيبية عن قوس قزح فيه مبهمة عند علي بن أبي طالب ولم نعرف عمن أخذها .. وكما سبق في رواية بن عباس يكون هذا الجزء فيه نكارة .. إلا لو ظننا كما قلت سابقا وظنيت – والله أعلم - أن المقصد هو كونه علامة لانتهاء الفيضان وانتهاء فترة الغرق وبداية الأمان للنزول من السفينة على الأرض .. خاصة وأن ألفاظ الرواية عند علي بن أبي طالب الأقرب لهذا التوجيه .. بخلاف رواية بن عباس .. والله أعلم .
 
- وإن صح ظني .. أن هذا المقصد من قوح قزح أنه كان العلامة على الخروج من السفينة والقدرة على السعي في الأرض بأمن دون أن يصيب أحد غرق من ماء الفيضان .. فحينئذ الرواية لا بأس منها كخبر محتمل تصديقه ..
 
2- ولكن يظل خبر (ذو القرنين) فيه غرابة أيضا .. ولا نعرف عمن أخذ هذه المعلومة الغيبية .. وإن كان ما ذكره ليس ببعيد عن العقل .. والقرن الذي يقصده في الرواية هو جنب الرأس .. وكأنه تم ضربه مرة ذات اليمين ومرة ذات الشمال وتركت أثرا في رأسه مثل الجرح الذي لا يختفي أثره .. حتى أصبح علامه على إخلاصه لله فكان كُنيته التي ينادى بها ..  والله أعلم ..!!
 
3- ومن الغرابة والنكارة في الرواية هو قول سيدنا علي قوله (لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ) .. لأن العلم بما هو سيكون ليوم القيامة يحتاج إلى وحي سماوي لأنها تفاصيل غيبية .. إلا لو كان المقصد هو معرفته بكل ما كلمهم عنه النبي إلى قيام الساعة كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان إذ قال: (قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا حَدَّثَ بِهِ»، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ) صحيح مسلم..، وكذلك ما قاله عمر بن الخطاب: (قَامَ فِينَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَقَامًا، فأخْبَرَنَا عن بَدْءِ الخَلْقِ، حتَّى دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ .. حَفِظَ ذلكَ مَن حَفِظَهُ، ونَسِيَهُ مَن نَسِيَهُ) صحيح البخاري..، وكما قال عمرو بن أخطب قال: (صَلَّى بنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الفَجْرَ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حتَّى حَضَرَتِ العَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فأخْبَرَنَا بما كانَ وَبِما هو كَائِنٌ .. فأعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا) صحيح مسلم.
 
#- فيكون سيدنا علي حافظا لما كان قاله النبي حينئذ ووطن عقله وقلبه ووعاه .. فكان كلامه (لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ) هو عن يقين ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم .. فهو رضي الله عنه كان يعلم حينئذ كل ما هو كائن من أحداث قد تخطر على البال بما قد يحدث إلى يوم القيامة وذلك يقينا بما كان سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا هو ظني .. والله أعلم .
 
#- خامسا: خلاصة القول أخي الحبيب في مفهوم (قوس قزح):
1- أن ظهور ووجود قوس قزح .. تعددت المعتقدات في سببه .. فالعقيدة اليونانية القديمة لها مفهوم سببي .. والعقيدة اليهودية المسيحية لها اتفاق على مفهوم سببي .. ولا يوجد في كلام الله ورسوله في العقيدة الإسلامية من كلام الله ورسوله إي مفهوم عن قوس قزح .!!

 
2- المفهوم السببي الذي أتانا في التراث الإسلامي عن قوس قزح .. هو ما جائنا عن روايات قيلت عن بن عباس وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما .. ولو أخذناه بظاهر الروايات فيكون مطابق لما في نصوص التوراة .. وهذا في حد ذاته شيء غير معقول وغير مقبول .. ولو أخذناه بالتأويل كما ظننت وذكرت ذلك فهو حينئذ قد يكون محتمل .. والله أعلم .
 
3- ولكن ما يجعلني أقف مستغربا .. لما الروايات لم يظهر منها سواء عن سيدنا علي أو سيدنا بن عباس رضي الله عنهما .. أي إشارة للنبي صلى الله عليه وسلم في أثناء عرضهم للمعلومات ..!!
- أليس هذا شيء غريب جدا ..؟! إلا لو كانوا قالوها اجتهادا منهما .. إما بما يلقى في خاطرهما أو بما علماه من اهل الكتاب مسبقا ..
- والله أعلم .
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام .. على مسألتي (قزح) وأنه ليس اسم للشيطان كما توهم البعض .. ومسألة مفهوم قوس قزح والذي قد يكون – كما ظننت – هو إشارة حين ظهوره لنوح للنزول من السفينة وانتهاء الطوفان ولم يعد هناك خوفا للغرق بالماء .. وما عدا ذلك من أقوال في مفهوم قوس قزح فلا قيمة له لأنه مخالف للعقل وقوانين الطبيعة ..!!  والله أعلم .

 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .