الروحانيات فى الإسلام: ج27: معتقدات موروثة - هل الشيطان يأكل الطعام المكشوف ويصنع سحرا عليه ويفسده - هل الشيطان يحرك الفئران لحرق المنازل حتى حرقت شيئا من بيت النبي - ما المقصد من كلام النبي في غلق الأواني وأماكن السقاء وغلق الأبواب وعلاقة ذلك بالشيطان.

بحث في المدونة من خلال جوجل

الاثنين، 26 يونيو 2023

Textual description of firstImageUrl

ج27: معتقدات موروثة - هل الشيطان يأكل الطعام المكشوف ويصنع سحرا عليه ويفسده - هل الشيطان يحرك الفئران لحرق المنازل حتى حرقت شيئا من بيت النبي - ما المقصد من كلام النبي في غلق الأواني وأماكن السقاء وغلق الأبواب وعلاقة ذلك بالشيطان.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وغير ذلك

(الفصل السابع والعشرون)

هل الشيطان يأكل الطعام المكشوف ويفسده ويسلط الفئران لحرق المنازل

بحث نفيس جدا

#- فهرس:

:: الفصل السابع والعشرون :: معتقدات عن أفعال الشيطان – هل الشيطان يأكل الطعام المكشوف ويصنع سحرا على طعامنا ويفسده – وهل الشيطان يحرك الفئران لحرق المنازل حتى حرقت بيت النبي ::

1- س112: هل الشيطان يأكل الطعام المكشوف ويصنع سحرا عليه ويفسده ويحرك الفئران لحرق المنازل حتى حرق شيئا من بيت النبي ؟

#- السؤال الأول: لماذا اختلفت ألفاظ الروايات والراوي واحد لأن هذا قد يثير الريبة في النفس .. لأنه يقال حينئذ أي رواية هي التي قالها النبي ؟!!

#- السؤال الثاني: هل التوجيه النبوي هو توجيه ديني يترتب عليه عقاب إن لم تفعله ؟

#- السؤال الثالث: ما المقصد من كلام النبي في غلق الأواني وأماكن السقاء وغلق الأبواب .. وعلاقة ذلك بالشيطان ؟

#- السؤال الرابع: هل قال أحد من العلماء بتفسير لمفهوم الشياطين الذي جاء بالحديث على أنهم جماعة الإنس ؟

#- السؤال الخامس: هل التسمية على الأشياء يكفيها أن تقول تحصينات الصباح والمساء .. ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما فائدة التسمية حينئذ على كل حاجة ؟!!

#- السؤال السادس: كيف يكون للجن انتشارا ويمكن أن يصيبوا الصبيان بلمم في وقت ما بين المغرب والعشاء أو حتى ساعة العشاء .. في حين هذا لا يحدث في الواقع ؟

#- السؤال السابع: لماذا أخبرنا النبي عن مسألتين فقط بخصوص غلق الأواني والسقاء .. فذكر مسألة تتعلق بالشيطان ومسألة تتعلق بالوباء ؟

 ***************************

:: الفصل السابع والعشرون ::

:: معتقدات عن أفعال الشيطان – هل الشيطان يصنع سحرا على طعامنا ويفسده – وهل الشيطان يحرك الفئران لحرق المنازل حتى حرقت بيت النبي ::

**************************

 ..:: س112: هل الشيطان يأكل الطعام المكشوف ويصنع سحرا عليه ويفسده ويحرك الفئران لحرق المنازل حتى حرقت شيئا من بيت النبي ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأمور التي بلغت حد الهوس لدى البعض أن وجدت منه يرسل يستعلم عن فتوى مفادها هو: ما الذي يفعله الإنسان إذا نام وكان طعامه مكشوفا ونسى أن يغطيه .. فهل يرميه أم ماذا يفعل فيه خوفا من أفعال الشيطان معه في هذا الطعام ..؟!!
 

- ولعل هذا الشخص .. كان يعتقد أن الشيطان له إمكانية فعل السحر له على طعامه أو تنجيسه أو إفساده بأي طريقة .. بما شابه هذه الخرافات .. وكأن الشيطان متصرفا في حياتنا كما يحلو له ..!!

#- وسبب مكوث هذه الخرافات في عقلهم .. هو الفهم الخاطيء للأحاديث النبوية .. التي قالت بالآتي: 
#- الرواية الأولى:
- عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَطْفِئُوا المَصابِيحَ باللَّيْلِ إذا رَقَدْتُمْ، وغَلِّقُوا الأبْوابَ، وأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وخَمِّرُوا الطَّعامَ والشَّرابَ) صحيح البخاري.
 
#- من معاني الحديث:
أ- قوله (رقدتم): أي ذهبتم للنوم
ب- قوله (غلقوا الأبواب): وهو كل منفذ في البيت سواء كان بابا الشقة أو شباك ..
ج- قوله (أوكوا الأسقية): أي أغلقوا موضع وضع الماء بالوكاء وهو كان الرباط الذي كان يتم ربطه على قربة الشرب في الماضي .. والمقصود به حاليا هو غطاء الزجاجات ..
د- قوله (خمروا الطعام والشراب): أي غطوا كل إناء فيه طعام لكم حلو أو حادق .. وكل إناء فيه شراب لكم مثل اللبن أو شوربة الطعام أو عصير أو  ما شابه ذلك .. وليس المقصود به الماء الذي تشرب منه لأنه كان يتم وضعه في أوعية خاصة به ..
 
#- وفي روايات أخرى أتى أن هذا الغلق والتغطية يكون مصحوبا بذكر الله .. وسياتي ذكر ذلك في الرواية التالية ..
 
#- الرواية الثانية:
- في رواية عن جابر بلفظ: (إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا، وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ) رواه البخاري.
 
#- من معاني الحديث:
أ- قوله (جنح الليل): أقبلت ظلمته .. وهو أول نزول الليل.
ب- قوله (كفوا صبيانكم): أي امنعوهم الخروج وضموهم داخل البيت .
ج- قوله (ساعة من الليل): قد تكون الفترة ما بين المغرب والعشاء أو الفترة ما بعد العشاء بما يقارب ساعة زمن ..
د- قوله (أوكوا): الوكاء هو غطاء فم القربة .. والآن هو ما يسمى بغطاء الزجاجات البلاستيكية.
هـ- قوله (خمِّروا): أي غطوا الأواني التي فيها طعام أو شراب.
 
#- الرواية الثالثة:
- وفي رواية عن جابر بلفظ: (خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وأَجِيفُوا الأبْوَابَ واكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ العِشَاءِ .. فإنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وخَطْفَةً .. وأَطْفِئُوا المَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّما اجْتَرَّتِ الفَتِيلَةَ فأحْرَقَتْ أهْلَ البَيْتِ) صحيح البخاري.
 
#- من معاني الحديث:
أ- قوله (خمروا الآنية): أي غطوا أواني الطعام .
ب- قوله (وأوكوا الأسقية): أي أغلقوا الأماكن التي تشربونه منها مائكم كالزجاجات والقلل والزير وقِربة الماء ..
ج- قوله (أجيفوا الأبواب): أي اغلقوا الأبواب.
د- قوله (اكفتوا صبيانكم): ضموا صبيانكم إليكم وامنعوهم الحركة خارج البيت في وقت أول الليل.
هـ- قوله (الجن): يقصد به الشياطين كما جاء في روايات أخرى.
و- قوله (انتشارا وخطفه): أي ينتشرون في هذا الوقت ويكون لهم لمم من الجن فيصيبهم بمس أو فزع ..، قال الإمام الكرماني: خشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصبيان عند انتشار الجن تلم بهم فتصرعهم. (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ج20 ص166).وقال القاضي عياض: وقد علل نهيه عن ذلك بانتشار الشياطين حتى تذهب؛ لئلا يصيبها منها ضرر أو روع. (إكمال المعلم بفوائد مسلم ج6 ص482).

#- ملحوظة هامة جدا: ولا نعرف هل هذا الإنتشار يقصد به بهيئتهم الروحانية وبالتالي يقصد بالخطفة هو حدوث ضرر بالمس .. أم هو انتشار بصور حيوانية كالكلاب والأفاعي تكون متجسدة ويكون لها خطفة بالأذى فيمن تجده في طريقها ..!! الله أعلم .

ك- قوله (الفويسقة): أي الفأرة.
 
#- الرواية الرابعة:
- وفي رواية عن جابر بلفظ فيه اختلاف وسند آخر .. عن يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكَلْبِ بِاللَّيْلِ أَوْ نُهَاقَ الْحَمِيرِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ مَا لَا تَرَوْنَ. وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الرِّجْلُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَبُثُّ فِي لَيْلِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ .. وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا أُجِيفَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَغَطُّوا الْجِرَارَ وَاكْفَئُوا الْآنِيَةَ وَأَوْكُوا الْقُرَبَ) رواه أبو يعلى .. وقال محققه حسين سليم أسد: إسناده صحيح..، (قلت خالد صاحب الرسالة): هذه الرواية وكذلك الرواية رقم 5518 قد صرح فيها (محمد بن اسحاق) بالتحديث وانتهت شبهة تدليسه .. بخلاف طرق الروايات الأخرى كالتي عند أحمد وأبي داود وغيرهما .. والله أعلم .
 
#- من معاني الحديث:
أ- قوله (هَدَأَتِ الرِّجْلُ): أي قلت حركة سعي الناس في الطرق بالليل.
ب- قوله (يَبُثُّ): أي ينشر ويطلق ويرسل من مخلوقاته بالليل .. من شياطين الإنس والجن والحيوانات والوباء وما لا نعلم ... والإحتراس يكون من خلال اتباع التعليمات المذكورة في الحديث .
ج- قوله (بَابًا أُجِيفَ): أي تم غلقه.. مع ذكر اسم الله عليه عند غلقه.
د- قوله (الْجِرَارَ): وهي الأوعية التي يكون فيها طعامكم.
هـ- قوله (وَاكْفَئُوا الْآنِيَةَ): واقلبوا الأواني الفارغة على وجهها حتى لا تكون مكشوفة فيدخلها تراب أو يختبيء فيها حشرات أو عقرب أو حية ..
و- قوله (وَأَوْكُوا الْقُرَبَ): أي أغلقوا قِرب الشرب والتي تكون مصنوعه من جلد الحيوان ويتم وضع الماء فيها .. وهي الآن أصبحت زجاجات المياه .. والمقصد هو غلق كل مصدر للماء تشربون منه.
 
#- الرواية الخامسة:
- في رواية عن جابر بلفظ: (لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُبْعَثُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ) صحيح مسلم.
 
#- من معاني الحديث:
أ- قوله (فواشيكم): أي ماشيتكم من الإبل والبقر والغنم ..
ب- قوله (صبيانكم): ما دون سن البلوغ أي قبل سن عشرة سنوات أو اكثر قليلا تقريبا ..
ج- قوله (فحمة العشاء): أي دخل الليل فعلا ولم يعد لضوء الشمس وجود وهو من بعد المغرب بدقائق .. وفحمة العشاء هي الفترة ما بين المغرب والعشاء ..، وقال الإمام جمال الدين الكجراتي (المتوفى: 986هـ) .. عن فحمة العشاء: هي إقباله وأول سواده، يقال لظلمةٍ بين صلاتي العشاء: فحمة، والتي بين العتمة والغداة: عسعسة . (راجع مجمع الأنوار ج4 ص106) .
 
#- الرواية السادسة:
- في رواية عن جابر بلفظ: (غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَغْلِقُوا الْبَابَ وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً وَلاَ يَفْتَحُ بَابًا وَلاَ يَكْشِفُ إِنَاءً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ) رواه مسلم.
 
- وفي لفظ آخر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وأَجِيفُوا الأبْوابَ، وأَطْفِئُوا المَصابِيحَ، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّما جَرَّتِ الفَتِيلَةَ فأحْرَقَتْ أهْلَ البَيْتِ) صحيح البخاري.
 
#- من معاني الحديث:
أ- قوله (اطفئوا السراج): أي اطفئوا شعلة النار التي تضيء لكم المنزل بالليل وذلك عند نومكم (مثل الشمع ولمبة الجاز قديما قبل دخول الكهرباء) .. حتى لا يحدث مكروه لكم لو تركتموها إما بسبب الغاز المنبعث منها أو بسبب أن تخرج فأرة تتحرك في البيت فتصيب هذه الشعلة فتسقها على متاع البيت فتحرقه ..
ب- قوله (لا يحل سقاء): أي لا يفك غطاء مواضع المياه مثل الزجاجات ..
ج- قوله (لا يكشف): أي لا يرفع غطاء الستر عن إناء مستور بغطاء من قماش أو بخشب أو معدن ..
د- قوله (يعرُضُ): أي يضع بعرض الإناء مثل عود من خشب أو بلاستيك على وجه الإناء إن لم يجد غطاء له ..
هـ- قوله (ويذكر اسم الله): اي مع كل فعل تفعله تسمي الله .. لمزيد كرامة من الله .
و- قوله (الفويسقة): اي الفأرة التي تخرج من جحرها وتقتحم بيت الناس .
ك- قوله (تضرم): أي تكون سببا في دفع شعلة النار فتسقط على متاع البيت فتكون بذلك سببا في إضرام (أي إشعال) النار.
 
ل- قوله (جرَّت الفتيلة): ليس معناه أنها تمسك فتيلة النار وتجري بها في البيت .. لا .. فهذا تصور خاطيء .. وإنما جرت الفتيلة بمعنى خبطتها أو أصابتها فَجَرَّت الشعلة على أثاث البيت أو تصيب أي شيء داخل البيت حسب قدر الله .. وليس أنها تمسك النار بذيلها وتسير بها لتحرق في الشقة كما تصور بعض السذج الذين يطعنون في الحديث النبوي ..!!
 
@- ثم أن الحديث يتكلم في الأحوط فعله عند النوم ولذلك قال: (رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ) أي قد يحدث على سبيل الإحتمال .. وليس بالضرورة أن يحدث ..!!
 
- ولذلك جاء في حديث آخر .. عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (احْتَرَقَ بَيْتٌ بالمَدِينَةِ علَى أهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بشَأْنِهِمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: إنَّ هذِه النَّارَ إنَّما هي عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فأطْفِئُوهَا عَنْكُمْ) صحيح البخاري.
 
@- ولم يقل النبي أن الفأرة كانت السبب ..!! وإنما قوله فيه دلالة على الإنتباه والإحتراس من النار لأنها عدو أي لأن فيها أذى لكم إذا لم تحترسوا وتأخذوا حِذركم منها .. كما قال صلى الله عليه وسلمَ: (لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ) صحيح البخاري.
 
@- انتبه جدا أخي الحبيب - (حديث ضعيف .. ومتن منكر باطل في قصة الفأر مع النبي) .. عن أسباطٌ، عن سماكِ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسٍ قال: (جاءَت فأرَةٌ، فأخذَتْ تجرُّ الفَتِيلةَ، فجاءت بها فألقَتْهَا بين يدَي رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- على الخُمْرَةِ التي كان قاعداً عليها، فأحرقَت منها مثلَ موضِعِ دِرْهَمٍ .. فقال: "إذا نِمتُم فأطفِئُوا سُرُجَكم، فإن الشيطَان يَدُلُّ مِثلَ هذِهِ على هذا فَتُحْرِقَكُم) رواه أبو داود وأحمد وقال محققو المسند والشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج أبي داود: صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. أسباط -وهو ابن نصر الهَمداني- صدوق كثير الخطأ، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب..، ومع ذلك فقد صحح الحديث الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1426.. !!

- ويوجد رواية أخرى في القصة السابقة وهي بنفس السند ولكن مع اختلاف في القصة بسيط: (جَاءَتْ فَأَرَةٌ، فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ، فَذَهَبَتِ الْجَارِيَةُ تَزْجُرُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعِيهَا» قَالَ: فَجَاءَتْ بِهَا، فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَاعِدًا، فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقُكُمْ) رواه بن حبان : وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج صحيح بن حبان حديث رقم 5520: حديث صحيح لغيره، وإسناده ضعيف، أسباط: هو ابن نصر الهمداني، روى له البخاري تعليقاً، واحتج به الباقون، وقد ضُعّف، وأنكر أبو زرعة على الإمام مسلم إخراج حديث أسباط، وقال الساجي: روى أحاديث لا يتابع عليها عن سماك بن حرب. قلت: رواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب.(انتهى النقل).

-#انتبه وافهم .. (قلت خالد صاحب الرسالة):
1- الشيخ الألباني ذكر ان لهذه الرواية شاهد في مشكاة المصابيح .. ولما ذهبت لمعرفة الشاهد بنفس الرقم الذي أشار إليه وجدت الشاهد بنفس السند بنفس الرواية .. ولا وجه له في هذا التصحيح .. والقصة أظنها باطلة وغير معقولة أصلا أن نتصور أن الفأرة جرجرت فتيلة النار (هذا لو افترضنا أن المقصد هو المصباح نفسه الذي فيه الفتيلة) وأخذت تجره حتى وصلت للنبي فألقتها عليه وهو يتفرج عليه النبي وانتظره حتى اسقط فتيلة النار لتحرق له شيئا من متاع البيت وكان يجلس عليه ..!! أهذا كلام يقول به إنسان مؤمن عاقل أو يصدقه ؟!!
- ولعل هذه القصة هي التي جعلت المستهزئين بالحديث النبوي يتكلمون .. إذ لا يعقل كلام مثل هذا .. !!
 
2- أما عن تصحيح شعيب الأرنؤوط أو محققو المسند .. فهم قالوا صحيح لغيره .. وطالما قرأت كلمة (لغيره) فاعلم أن ذات هذه الرواية ضعيفة .. ومعنى كلمة (لغيره) أي يوجد أجزاء من هذه الرواية أتى ذكرها في روايات صحيحة .. مثل جزئية (إذا نِمتُم فأطفِئُوا سُرُجَكم) .. فالتصحيح يكون مثلا لهذه الجزئية وليس للقصة التي حدثت بين الفأرة والنبي ..!! وعموما هم أجزموا بضعف الرواية لوجود علتين في السند ..
 

- ولكني عن نفسي أجزم يقينا ببطلان الرواية لمخالفتها للعقل والواقع .. إذ لا يتصور أن الفئران تقوم بجر فتيلة مشتعلة بنار ولو افترضنا أن المقصد هو المصباح الذي به الفتيلة .. وكأن الفأر لا يخاف من النار ويجرها لموضع محدد لحرق مكان في المنزل .. فنحن حينئذ نتكلم عن فأر مميز ويعمل في السيرك العالمي .. ثم كيف نصدق أن الشيطان قد اخترق بيت النبي وقام بتحريك الفأر ليحرق جزء من منزله بل وترك النبي الفأر يفعل ذلك ثم ترك النار حتى أحرقت جزء من الفرش الذي كان يجلس عليه ..!! فهذا يفتح أبواب من التساؤلات أبسطها هي أين تحصينات النبي من الشيطان الرجيم ..!! والقائل بمثل هذا الكلام أو يؤمن بهذه الرواية كما هي .. فقد خالف الصواب في تحقيق الرواية .. ونسأل الله أن يبصرنا بما هو حق ..

- وأستبعد أن الشيطان قد يوسوس لحيوان بتوجيهه .. والله أعلم.

  

#- الرواية السابعة:
- وفي لفظ عن جابر قال: (غَطُّوا الإناءَ، وأَوْكُوا السِّقاءَ؛ فإنَّ في السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فيها وَباءٌ، لا يَمُرُّ بإناءٍ ليسَ عليه غِطاءٌ، أوْ سِقاءٍ ليسَ عليه وِكاءٌ؛ إلَّا نَزَلَ فيه مِن ذلكَ الوَباءِ ... وفي رِوايةٍ: فإنَّ في السَّنَةِ يَوْمًا يَنْزِلُ فيه وَباءٌ) صحيح مسلم ..، وفي رواية أتى في آخرها تعليق من التابعي الليث بن سعد جاء فيها: (قال الليثُ: والأعاجمِ يتقونَ ذلكَ في كانونَ الأولَ) صحيح مسلم .. (قلت خالد صاحب الرسالة): ما قال التابعي (الليث بن سعد) ليس من الحديث النبوي وإنما فقط معلومة عرفها التابعي فذكرها وكأنه كان يبحث عن هذا التوقيت فبلغه معلومة بذلك ..، وكانون الأول = شهر ديسمبر .. والله أعلم .
 
#- من معاني الحديث:
أ- قوله (أوكوا): أي اغلقوا فم السقاء بالخيط أو بسداده أو غطاء .. أي أغلقوا المكان الذي تشربون منه الماء مثل زجاجات المياه حاليا أو مثل الزير أو القلة الفخارية التي يتم الشرب منها ..
 
ب- قوله (وباء): وهو البلاء الذي يأتي معه هلاك للإنسان أو يسبب ضرر شديد له .. مثل الميكروبات من البكتيريات والفيروسات .. التي قد تأتي نتيجة حمل الريح لها فتصيب كل ما هو مفتوح أو ليس له غطاء فتلتصق به .. وهذه الأماكن يتناول منها الإنسان طعامه وشرابه وبالتالي ستصيبه بأذى ..
 
- ملحوظة: كلمة (فايروس) هي كلمة لاتينية تعني "السم" – وغالبا تأتي كلمة (وباء) ويقصد بها الفايروس .. والميكروب هو لفظ يدل على الكائنات الحية الدقيقة جدا التي لا يتم رؤيتها إلا من خلال المجهر في المعمل – وهذه الكائنات الحية الدقيقة قد تكون فايروسات أو بكتيريا أو غير ذلك .. والبكتيريا التي تصيب الإنسان لها مضاد حيوي .. ولكن الفايروس لا مضاد حيوي له ويحتاج لمصل مخصوص له .. والله أعلم.
 
#- وإذا عرفت أخي الحبيب كل ما سبق عن الروايات .. والتي فيها روايات نادرا ما تسمعها مثل رواية الوباء .. ويكتفون بروايات الشيطان كعادة البعض .. ولكن ما يهمنا مناقشة بعض الأسئلة التي قد تخطر على بال الإنسان الذي يفكر بهدوء عند قراءة هذه الروايات .. ومن المهم الخوض فيها حتى تكون بصيرا ويرتفع الشك من صدرك .. 

 
#- السؤال الأول: لماذا اختلفت ألفاظ الروايات والراوي واحد لأن هذا قد يثير الريبة في النفس .. لأنه يقال حينئذ أي رواية هي التي قالها النبي ؟!!

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): 
- المسألة وكل ما فيها أن كل راوي من سند الرواية قد حفظ شيئا عن جابر بن عبد الله فذكره .. ولا يخفى على متعلم أن هذه ليست ألفاظ النبي بالضرورة التي نطق بها فعلا وإنما قد يتم روايتها بالمعنى .. وقد تحتمل أن يكون بعض هذه الروايات منقول لفظا .. ولكن هذا  شيء يصعب تحديده أي رواية هي ..
 
#- السؤال الثاني: هل التوجيه النبوي هو توجيه ديني يترتب عليه عقاب إن لم تفعله ؟

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- غالب كلام العلماء أنهم جعلوا كلام النبي توجيهات دنيوية وليست دينية ملزمة لك وواجب عليك أن تفعلها .. ولكن يفضل لك فعلها كلما تذكرت على سبيل الندب .. فإن أردت عملها اتباعا للنبي محبة له فلك أجر محبة الإتباع وإن لم تفعلها فلا حرج عليك .. وهي مجموعة نصائح مهمة ..
 
- ودليل أن هذه مجموعة نصائح دنيوية .. هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرب قدح من اللبن لم يكن مخمرا أي مغطي .. هو الآتي:
- عن أَبي حُمَيدٍ السَّاعِدِيّ، قَالَ: (أَتَيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ مِن النَّقِيعِ لَيسَ مُخَمَّرًا، قَالَ: أَلَّا خَمَّرتَهُ، وَلَو تَعرُضُ عَلَيهِ عُودًا) صحيح مسلم.
 
- قوله (النقيع): قال بعض العلماء يقصد به قاع السقاء المنقوع فيه هذا اللبن ولم يكن عليه غطاء .. ولذلك أرشده النبي أن يفعل ما هو أولى بأن لا يتركه مكشوفا .. ومع ذلك شرب النبي من اللبن الذي لم يكن مغطى بالليل ..
 
#- قال أبو العباس القرطبي (المتوفى: 656 هـ):
- وشربه - صلى الله عليه وسلم - من الإناء الذي لم يُخَمَّر دليلٌ على أن ما بات غير مخمَّر، ولا مُغطَّى، أنه لا يحرم شربه، ولا يكره. وهذا يحقق ما قلناه: من أن المقصود الإرشاد إلى المصلحة، والله تعالى أعلم. (المفهم ج5 ص283-284).
 
@- أما عن كلام بعض العلماء:
#- قال أبو العباس القرطبي (المتوفى: 656 هـ):
- جميع أوامر هذا الباب من باب الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية، كقوله تعالى: (وَأَشهِدُوا إِذَا تَبَايَعتُم) البقرة:282.
- وليس الأمر الذي قُصِد به الإيجاب، وغايته أن يكون من باب الندب .. بل قد جعله كثير من الأصوليين قسمًا منفردًا بنفسه عن الوجوب والندب. (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج5 ص240)
 
#- قال الإمام شمس الدين الكرماني (المتوفى: 786هـ):
- وفيه أن أمره عليه السلام قد يكون لمنافعنا .. لا لشيء من أمر الدين .. وفيه الحث على ذكرا سم الله تعالى قيل: وتحصل التسمية بقول اسم الله.
- أقول: فيه جمل من أنواع الآداب الجامعة لمصالح الدنيا والآخرة وخصص بالليل لأن غسق الليل وقت ظهور الأشرار .. وقد ضبط أحوالهم مما يتعلق بالإنسان من جلب المنافع من جهة الاتباع وهو كف الصبيان ونحوه والمساكن وهو غلق الأبواب والمشارب وهو إيكاء القرب والمطاعم وهو تخمير الأواني .. ومن دفع المضار وهو إطفاء المصابيح أو ضبط دوافع الآفات فيما يتعلق بشياطين الجن فبكف الصبيان وما يتعلق بشياطين الإنس فبالإغلاق .. وما بالآفة السماوية فبايكاء القربة وتخمير الآنية .. وأما بالآفة الأرضية فبالإطفاء .. وهذا كله على سبيل التمثيل والباقي يقاس عليه. (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ج20 ص166).
 
#- قال الإمام الزرقاني (المتوفى: 1122هـ):
- والأوامر المذكورة للإرشاد إلى المصلحة الدنيوية والاستحباب خصوصا من ينوي بفعلها الامتثال. (شرح الزرقاني على الموطأ ج4 ص476).
 
#- السؤال الثالث: ما المقصد من كلام النبي في غلق الأواني وأماكن السقاء وغلق الأبواب .. وعلاقة ذلك بالشيطان ؟

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الملفت للنظر .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا عن علة أو سبب منع الصبيان عن اللعب خارج البيت وقت ما بين المغرب والعشاء وهو الإصابة بمس روحاني مثلا .. ولكنه فيما يتعلق بأدوات المطبخ والشرب لم يخبرنا عن علة ذلك وإنما اكتفى أن يلفت نظرنا إلى أن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا محاط ببركة اسم الله .. وكأنه يقول أن حماية بيتك من سرقات الشيطان من داخله هي ببركة اسم الله .. وإليك تفصيل ذلك ..
 
1- الحديث تكلم عن جزئية مهمة جدا .. وهي تتعلق بأن الشيطان لا قدرة له على فتح شيء مغلق خاص بالإنسان شرط أن يكون محاط باسم الله .. ولكن هل هذا يتعلق بالحال الروحاني أم الحال المادي ؟!!
 
2- (عن وجهة نظري في تفسير الحديث وفهمه) .. لا يمكن الإعتقاد أن المسألة تتعلق بحالة روحانية .. لأنها تتعلق بحالة مادية .. وهي ما يملكه الإنسان .. ولو كان للشيطان قدرة على التصرف فيما يملكه الإنسان من ماديات الحياة فلماذا لم يسلب الملحدين والكفار والغافلين الذين لا يذكرون اسم الله ؟!! وهذا كلام لا يقول به العقلاء ..
 
3- وإنما لو ربطنا ذلك بأن الشيطان يمكنه السرقة من الإنسان في حالة تمثيله في صورة مادية .. وذلك كما حدث مع أبو هريرة حينما أمسك بالشيطان وقد أخبره بأن آية الكرسي إذا قرأتها لا يزال عليك من الله حافظ ..
 
4- إذن نفهم أن ذكر الله على الأشياء يمنع الشيطان من أن يتدخل فيها لو تمثل ماديا .. وهذا يرشدنا إلى أن السرقات الشيطانية لا تحدث ببركة اسم الله ..
 
5- أما عن التوهم بأن غلق الأواني والسقاء لأن الشيطان يصنع فيهم سحر أو يصيبك فيهما بضر .. فهذا كلام لا يقول به إلا من استعظم قدرات الشيطان وكيده وجعل من الشيطان المتصرف في الوجود كيفما شاء .. وكنت لا أظن أن أحد يقول بذلك لولا فتاوى تم بنائها على أسئلة لا يمكن أن يتصورها عقل ويسألون عن الطعام الذي لم يغطى بالليل هل يرمونه خوفا من سحر الشيطان أو أفسده بأي طريقة من الطرق ..!!

- فلماذا حينئذ لم يفسد محاصيلنا الزراعية وفاكهتنا وهي مكشوفة له ليل نهار ؟!!

- واعلم أخي الحبيب .. أنه في خلال قرائتي لكتب أهل العلم التي رزقني الله بها لم يصادفني أحد من علماء المسلمين تكلم في جزئية ما الذي سيفعله الشيطان لو وجد إناء مفتوح أو زجاجة مياه مفتوحة ..!! وذلك لأن النبي لم يقل شيئا عن ذلك .. !! فمن أين أتى المخرفون بخرافة أنه يفعل سحر أو يفسده ..!!
 
#- السؤال الرابع: هل قال أحد من العلماء تفسير لمفهوم الشياطين الذي جاء بالحديث على أنهم جماعة الإنس ؟
 
#- قال الشيخ المباركفورى (المتوفى: 1353هـ):
- قال بن الملك وعن بعض الفضلاء .. أن المراد بالشيطان شيطان الإنس لأن غلق الأبواب لا يمنع الشياطين الجن .. وفيه نظر .. لأن المراد بالغلق هو الغلق المذكور فيه اسم الله تعالى فيجوز .. أن يكون دخولهم من جميع الجهات ممنوعا ببركة التسمية وإنما خص الباب بالذكر لسهولة الدخول منه فإذا منع منه كان المنع من الأصعب بالأولى. (تحفة الاحوذي ج5 ص433).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- والذي قال باحتمالية أن يكون المقصود بالشياطين هم شياطين الإنس .. كما وصف القرآن بعض الإنس بأنهم شياطين .. فإنما هو رأي محتمل للصواب وليس بمستبعد .. خاصة وأنه يتناسب مع وقت انتشار قطاع الطرق ووقت الغفلة .. وإمكانية التهجم على البيوت وسرقة الطعام منها والإلبان وغير ذلك ..
 
- إلا ان هذا الرأي يعيبه أمرين:

- الأول: أن هناك رواية قالت (فإن للجن انتشارا) ولم تقل الشياطين وهذا قد يوضح أن المقصود بالشياطين هم جماعة الجن ..

- ولكن قد يتم الرد على ما سبق بأن لفظ (الجن) تصرف من بعض الرواة وظن منه ذلك ولكن اللفظ الأصلي هو الشياطين إذ لا يعقل أن يكون نطق اللفظين وإلا كانت الروايات المتعددة أوضحت ذلك ..
 
- الثاني: لو كان المقصد بهم شياطين الإنس ما كان النبي حدد توقيت معين لمنع الصبيان ثم تركهم بعد ذلك لأن شياطين الإنس يترصدون الفساد في كل الأوقات وليس وقت دون وقت .. والله أعلم .
 
#- السؤال الخامس: هل التسمية على الأشياء يكفيها أن تقول تحصينات الصباح والمساء ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما فائدة التسمية حينئذ على كل حاجة ؟!!

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): 
1- نعم يكفيك أخي الحبيب أن تسمي الله وتعتصم به كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم .. إذا قال صلى الله عليه وسلم: (مَن قال صَباحَ كلَّ يومٍ و مَساءَ كلِّ ليلةٍ ثلاثًا ثلاثًا: بِسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرضِ و لا في السَّماءِ و هوَ السَّميعُ العَليمُ ؛ لَم يَضرُّه شَيءٌ) رواه البخاري في الأدب المفرد .. وذكره الألباني بأنه حسن صحيح.
 
- وفي رواية بلفظ: (مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ، فِي الْأَرْضِ، وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ، حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ) رواه أبو داود .. وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حسن.
 
- وطالما النبي صلى الله عليه وسلم قال لم يضرك شيء .. فكن موقنا ولا تشك .. وكذلك الحال مع آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة ففيهما كفاية لك من كل سوء ..  
 
2- أما عن الفائدة من التسمية عند فعل كل شيء بالرغم من أن هناك تحصينات كافية لمنع الشيطان .. إلا أن المقصد هو أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد لك دوام وصلك بالله بجريان اسمه على لسانك .. فيكون الله حاضر في قلبك عند كل أفعالك لتكتسب من بركة اسمه جل جلاله عند نطقه .. ولعلك تكون قد نسيت أذكارك في وقت الصباح مثلا أو وقت المساء  ولكن التسمية سهلة التذكر وسهل جريانها على اللسان .. والله أعلم .

- قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) صحيح البخاري ..

 - وقوله (أحيانه): أي في كل أحواله .. حتى ولو كان جُنُبَا .. 

3- وكذلك إذا ذكرت الله عند دخولك البيت وعند طعامك فلا يقربك الشيطان .. كما جاء في الحديث: (إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ) صحيح مسلم .. ولكن إذا ذكرت اسم الله وحصينه وأنت داخل البيت فأنت تطرد .. فالدخول ليس معناه الإقامة الدائمة وإنما معناه البقاء حتى انتباه الغافل فيذكر الله فينطرد بالذكر .. مع ملاحظة أن بركة اسم الله قد لا تنفعل مع البعض الذين يكون في رقابهم حقوق للناس كآكلي الميراث .. أو المغتابون .. أو المؤذيون نفسيا وعضويا لخلق ربنا .. ومن تاب فإن الله غفورا رحيم .. والله أعلم .

 
#- السؤال السادس: كيف يكون للجن انتشارا ويمكن أن يصيبوا الصبيان بلمم في وقت ما بين المغرب والعشاء أو حتى ساعة العشاء .. في حين هذا لا يحدث في الواقع ؟

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من المهم أن تعرف أمرين:
- الأول: أن الكلام من النبي مع قومه كانوا يعيشون في بيئات صحراوية وينتشر الجن في البيئات الصحراوية .. عنها في الأماكن المدنية ..
 
- الثاني: كلام النبي ليس على سبيل تحقق هذا الأمر وإنما على سبيل الإحتراس وأخذ الحيطة .. إذ قد يحدث ما لا يحمد عقباه لو ترك الصبيان في هذا الوقت خارج البيت فيصيبهم الجن بلمم كمس روحاني مثلا .
  
#- السؤال السابع: لماذا أخبرنا النبي عن مسألتين فقط بخصوص غلق الأواني والسقاء .. فذكر مسألة تتعلق بالشيطان ومسألة تتعلق بالوباء ؟

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لأن النبي اهتم بأن يذكر لك ما غاب عنك ولا يبلغه عقلك في أن تصل إليه .. أما باقي أنواع الحكمة في غلق مثل هذه الأمور فهي معلومة للعقلاء مثل غلقها خوفا من دخول حشرات فيها أو أتربة أو في البيئات الصحراوية قد يدخل حيات صغيرة أو فئران أو ما شابه .. فهذا مما هو معلوم للعامة .. وإنما النبي قد ذكر ما هو غير معلوم ولن تصل إليه بعقلك .. والله أعلم.
 
#- خلاصة هذا البحث:
- أن الشيطان لا يسحر لك على طعامك وشرابك ولا يتبول عليهما ولا يفسدهما .. ولا يسلبك متاع بيتك ولا يتمتع به ..

- وكرامة لله يا مؤمن .. لو سمحت لا تستمتع لمشايخ ينشرون تعظيم قدرات الشيطان وكيده في نفوس المؤمنين .. وإنما اعمل على تعظيم شعائر الله في قلبك وارتقي بإيمانك في العلاقة مع الله .. واجعل يقينك في قدرة الله أعلى من يقينك في قدرة الشيطان عليك .. وإلا فمن الذي تعبده وتتوكل عليه ؟!!

 

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 4 تعليقات:

  1. عن امنا عائشة رضي الله عنها : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل احيانه " .. اللهم اجعلنا على خطاه في اقواله وافعاله ، ونيتنا في نياته .. صلى الله عليه وسلم عدد تسبيحاته وأذكاره في ليله ونهاره ظاهرا وباطنا وعلى كل احواله

    وجزاك الله عنا كل خير استاذنا الفاضل
    وأقر عينك برؤية حبيبه ورضوانه
    امين امين امين

    ردحذف
  2. جزاكم الله خيراً يا استاذنا العزيز

    فعلا - الله تعالى بعزته و قدرته اعطى الشيطان فقط بعض من القدرات بما اراده الله ان يكون فيه اختبار للناس و ابتلاء باذنه تعالى و مشيئته ما كما يبغي الشيطان - الشيطان عدو للإنسان لو الله تعالى فتح له مجالات حسب مبتغاه لافسد معيشة الناس و الخلائق بحقده و حسده - و الدليل لماذا لم يفسد الشيطان الثمار في الاشجار و النخيل و النباتات و الحبوب - قبل التخزين فهي كانت له مكشوفه - ولكن الله تعالى بمنه حفظها لتكون رزقا للعباد و خيرا لهم و بركه.

    اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

    ردحذف
  3. 💐 تذكير من الأستاذ خالد بضوابط لابد العمل بمقتضاها .. وإلا فأنت مدّعي السير إلى الله ولست مؤمنا حقا :

    💐 ثلاث نقاط بخصوص الإنضباط في طريق الإيمان :

    💮 الأولى : طريق الله يغلبه الابتلاء ويزيد كلما زدت في العلاقة مع الله ..

    💮 الثانية : أنت عبد لله .. والعبودية هي رتبة (وظيفة) عند الله .. أجرها وحوافزها وعمولتها وبركتها ومددها وترقياتها .. تأخذه بعد الممات .. ولا أجر لها في الدنيا إلا مدد معنوي غالبا (كسكينة وراحة بال ورضا قلبي .. لو آمنت بحق) ..

    💐 - والعبودية لله : لا تجلب لك وظيفة .. ولا تدفع عنك بلاء .. ولا تأتيك بعروسة .. ولا تزيد من رزقك .. ولا تفتح لك أبواب ولا تغلق لك أبواب .. ولا تأتيك بمرائي (رؤيات) .. ولا تمنع شيطان من الوصول إليك (لأنه جزء من ابتلاءك في الحياة كالمرض) .. ولا تمنع عنك مرض .. ولا تدعك تطير في الهواء ولا تمشي على الماء .. ولا تفتح لك كشف روحاني ولا تغلق لك كشف روحاني ..

    💮 الثالثة : أن الأمور تحدث في الوقت الذي يريد وليس في الوقت الذي أنت تريد .. وبالكيفية التي يريد وليس بالكيفية التي تريد .. فهو الرب ونحن العبيد .. سبحانه فعال لما يريد بما يريد وقتما يريد كيفما يريد ..!!

    💐 فلك الحق أن تدعوه وتطلب منه وتسأله من فضله .. ولكن مع رضا قلبي بما يترتب على هذا الدعاء من عطاء أو منع .. لأنه فعال لما يريد .. ولا يوجد شيء اسمه (انا دعيت ولم يحدث شيء) .. فهذا دليل على غلبة النفس وأنها كانت تعبد الله على حرف طمعا في العطاء .. ولم تعبد الله المعطي المانع النافع الضار .. فانتبه وافهم ما قلته لك جيدا .

    💐 * فإذا أكرمك الله وفهمت ما ذكرته لك سابقا وأيقنته وعشت بهذه الضوابط مع الله وأنت تعبده لا تنتظر شيء إلا رضوانه ومغفرته ولقاءه في الآخرة .. فأبشر بالثبات على الإيمان إلى يوم أن تلقاه .. بل ومؤيد بمدد من الله في قلبك بالثبات نتيجة إيمانك الصادق ..

    💐 * ولكن إن كنت تظن أنك بغير الضوابط السابقة .. تستطيع أن تكون مؤمن لمجرد قراءة قرآن أو صلاة .. فأنت واهم تماما ومخدوع ..!! إنما الوسائل الإلهية من صلاة وصيام وقرآن .. تأتي بثمارها لو آمنت بما أرشدتك إليه .. ما عدا ذلك .. فهيهات هيهات ..!! ستعيش في اضطراب دائم ولو ختمت القرآن كل يوم .

    💐 * فلو أعلنت الإيمان الصادق .. فاستعد للإبتلاء .. هكذا أخبرنا رب العالمين ..
    (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) العنكبوت

    ردحذف
  4. جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الفاضل وزادك الله من فضله
    بصراحه هذا الدرس رائع جدا لأن هذه الخرافات منتشره عندنا ويدور حولها قصص خرافيه كثيره وكلها تصب في هدف واحد وهو تعظيم قدره الشيطان وإنه يستطيع أن يفعل في خلق الله كل ما يحلو له..... لا حول ولا قوة الا بالله
    ***************************
    اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف